للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إِنِّي (١) لأعْرِفُ بِمَكَّةَ حَجَراً كَانَ يُسَلِّمُ عَلَيَّ قَبْلَ انْ أُبْعَثُ يَقُول لَهُ السلَامُ عَلَيْكَ يَا نَبيَّ الله"، وقال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "لَنْ تَقُومَ السَّاعَةُ حَتى يُكَلِّمَ الرَّجُلَ شِرَاكُ نَعْلِهِ وَعَذْبَةُ سَوْطِهِ وَتُخْبِرُهُ بِمَا صَنَعَ أَهْلُهُ بَعْدَهُ" (٢).

وقد تكلم الثور للرجل حين حمل عليه فقال: "لَمْ أُخْلَقُ لِهذَا إِنَّمَا خُلِقْتُ لِلْحَرْثِ" (٣). ولن تقوم الساعة حتى تتكلم السباع والحيوانات كلها وتظهر الحقائق الخفية التي هي الآن معلومة عند المؤمنين، لما قدمناه من الدلالات، وسيعاينها الخلق بالمشاهدات وقد قال النبيُّ، - صلى الله عليه وسلم -: "الْعَبْدُ الْفَاجِرُ تَسْتَرِيحُ مِنْهُ الْبِلَادُ وَالْعِبَادُ وَالشَّجَرُ والدَّوَابُ" (٤)، وراحتها منه إنما هي بأن الكفر والذنوب تحل بالخلق العقوبات، ويلحق الضرر بكل أحد من الناس وكل مخلوق من الشجر والدواب، حتى إنه ليتعذَّر على البهيمة شرب الماء ورعي النبات بذنوب العباد إما بعدم القطر وإما أن يكون موجوداً فتصد عنه فما يكون من أذان أو تلبية أو ذكر الله تعالى فإِن الباري، سبحانه وتعالى، يخلق به العلم لكل شيء إن شاء في الحين ويكون مدَّخراً لوقت الحاجة، وإن شاء يعلمهم بذلك في وقت الحاجة ويقدِّره عندهم، وذلك كله بتدبير الملك الحكيم، وتقدير العزيز العليم، فمهِّدوا


الحيوانات والجمادات والنبات، كما ثبت في صحيح البخاري عن ابن مسعود أنه قال: كنا نسمع تسبيح الطعام وهو يأكل. مختصر تفسير ابن كبير ٢/ ٣٧٩.
وقال النووي: في الآية خلاف مشهور والصحيح أنه يسبح حقيقة ويجعل الله فيه تمييزاً بحسبه. شرح النووي على مسلم ١٥/ ٣٦ - ٣٧.
(١) الحديث رواه مسلم من رواية جابر بن سمرة في كتاب الفضائل باب فضل النبي، - صلى الله عليه وسلم -، وتسليم الحجر عليه قبل النبوة ٤/ ١٧٨٢، والترمذي ٥/ ٥٩٢، عن جابر أيضاً وكذلك أحمد ٥/ ٨٩، ٩٥، ١٠٥، والبيهقي في دلائل النبوة ١/ ٤٠٨، والدارمي ١/ ١٢.
(٢) الترمذي ٤/ ٤٧٦ من رواية أبي سعيد الخدري وأحمد ٣/ ٨٤، والحاكم ٤/ ٤٦٧، وقال: صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه ووافقه الذهبي والحديث في سنده شيخ الترمذي سفيان بن وكيع بن الجراح، قال عنه الحافظ: كان صدوقاً إلا أنه ابتلي بوراقه فأدخل عليه ما ليس من حديثه فنصح فلم يقبل فسقط حديثه ت ١/ ٣١٢، وقال الذهبي: حسن له الترمذي- ميزان الاعتدال ٢/ ١٧٣ وانظر ت ت ٤/ ١٢٣، والحديث من طريق الحاكم صحيح لأن كل سنده ثقات، والله أعلم، وقد صححه الحاكم والذهبي.
(٣) أخرجه البخاري في باب فضائل الصحابة ٥/ ٦ من رواية أبي هُرَيْرَة والترمذي عن أبي هريرة أيضاً ٥/ ٦١٥ وأحمد في مسنده ٣/ ٢٤٥، ٢٨٣.
(٤) الحديث متفق عليه من رواية أبي قتادة. رواه البخاري في الرقاق باب ما جاء في سكرات الموت ٨/ ١٣٣ ومسلم في الجنائز باب ما جاء في مستريح ومستراح منه ٢/ ٦٥٦، والنسائي ٤/ ٤٨، وأحمد ٥/ ٤٥٥.

<<  <   >  >>