للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يستنبطونه من أصول الشريعة وينتزعونه من أغراضها، فلما جاءت الرؤيا بنظم الأذان وسرده أمر رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، به بكونه أصوب الآراء لما فيه من الخروج عن التشبه بأهل الكتاب والمجوس، ولما فيه من ذكر الله تعالى، ولأنه معنى اختصت به هذه الأمة لم يكن لأحد من الأمم قبلها ولله الحمد على ذلك كثيراً.

حديث: "إِذَا نُوديَ لِلصَّلاَةِ أَدْبَرَ الشَّيْطَان" (١) إلى آخره يحتمل الحقيقة والمجاز. أما الحقيقة فليس يستحيل أن يكون للشيطان حصاص وهو الضراط لما بيَّنَّاه من قبل وذكرنا إنه جسم من الأجسام مؤتلف من طعام وشراب، وفي الحديث (٢) إِنَّ الشَّيْطَانَ حَسَّاسٌ (٣)،


(١) الحديث متفق عليه.
أخرجه البخاري في كتاب الآذان باب فضل التأذين ١/ ١٥٨، ومسلم في كتاب الصلاة باب الأذان وهرب الشيطان عند سماعه ١/ ٢٩١، والموطّأ ١/ ٦٩، وابو داود ١/ ٣٥٥، والنسائي ٢/ ٢١، كلهم من رواية أبي هُريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال. إِذَا نُوديَ للصلاةِ أَدْبرَ الشَّيْطَان لهُ صُرَاطُ حتى لاَ يَسْمع التَّأذِين فإذا قُضيَ التَّأذِينُ أَقْبَلَ ..
(٢) رواه أبو داود ٤/ ١٨٨ من طريق زهير بن معاوية عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هُرَيْرَة قال: قال رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ نامَ وَفِي يَدِهِ غمْرٌ ولَمْ يَغْسُلْهُ فأَصَابَهُ شَيْءٌ فلا يَلُومنَّ إلا نَفْسَهُ" وابن ماجه من طريق عبد العزير بن المختار عن سهيل به ٢/ ١٠٩٦ وابن حبان من طريق خالد ابن عبد الله عن سهيل أيضاً، والبغوي في شرح السنة ١١/ ٣١٧ وحسنه.
ورواه الترمذي من طريق يعقوب بن الوليد المدني عن ابن أبي ذئب عن المقبري عن أبي هُرَيْرَة وقال: قال أبو عيسى: غريب من هذا الوجه وقد روي من حديث سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هُرَيْرَة. الترمذي ٤/ ٢٨٩ ورواه الحاكم من نفس الطريق في المستدرك ٤/ ١١٩ وقال: صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه بهذه الألفاظ وخالفه الذهبي فقال: قلت: بل موضوع فإن يعقوب كذَّبه أحمد والنسائي.
قلت: يعقوب بن الوليد لم يوثّقه أحد بل قد أتهم، قال الحافط: يعقوب بن الوليد بن عبد الله بن أبي هلال الأزدي، أبو يوسف، أو أبو هلال المدني، نزيل بغداد، كذّبه أحمد وغيره من الثامنة/ ت ق. ت ٢/ ٢٢٧ وانظر ت ت ١١/ ٣٩٧ والميزان ٤/ ٤٥٥ ففد ساق له عدة أحاديث، هذا الحديث من جملتها، وساقه كذلك ابن عدي في الكامل في ترجمته ٧/ ٢٦٠٤ كما ترجمه العقيلي في الضعفاء ٤/ ٤٤٨ وقال المنذري بعد حكايته تحسين البغوي له قال: وهو كما قال رحمه الله فإن سهيل بن أبي صالح، وإن كان تكلم فيه، فقد روى له مسلم في الصحيح احتجاجاً واستشهاداً، وروى له البخاري مقروناً وقال السلمي: سألت الدارقطني لِمَ ترك البخاري سهيلاً في الصحيح؟ فقال: لا أعرف له عذراً، وبالجملة فالكلام فيه يطول والحديث حسن. الترغيب والترهيب ٣/ ١٥٢ - ١٥٤.
درجة الحديث: حسّنه البغويِ والمنذري وصححه ابن حبان، وقال الحافظ في الفتح: ١١/ ٥١٢ سنده صحيح على شرط مسلم.
(٣) أي شديد الحس والإدراك. النهاية ١/ ٣٨٤ ت.

<<  <   >  >>