إليهم كلهم ولا يخاف عاقبة ولا يرجو عوضاً فهو المالك حقاً وخص يوم الدين لعِظم الأفعال التي فيه، ومن ملك الأعظم والنهاية فقد ملك الأقل والبداية، وقوله تعالى:{إِيَّاكَ نَعْبُدُ} إقرار بالمذلة للمولى والتزام للخدمة وقوله: {وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} رد الأمر إليه والتسليم بالكل والتفويض عليه لأنه إن أعان العبد عَبَدَه وإن خذله جحده، وقوله:{إِيَّاكَ لعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتعِينُ} هذه بيني وبين عبدي، نص على أنها آية واحدة، وقوله:{اهْدِنَا الصِّرَاطَ} إلى {وَلَا الضَّالِّينَ} فهؤلاء لعبدي نص على أنها أكثر من آية واحدة رداً على المكيّين (١)، وبذلك صارت الفاتحة سبع آيات بإسقاط عدّ {بِسْمِ اللِه الرحمن الْرَحِيمَ} ..
(١) قال البغوي بعد سياقه لحديث أبي هريرة السابق: "قَسَمْتُ الصَّلَاةَ بيني وَبَيْنَ عبدِي". يستدل بهذا الحديث من لا يرى التسمية آية من الفاتحة لأنه يبدأ بها، وإنما بدأ بـ {الْحَمْدُ للهِ} واختلف أهل العلم فيها. فذهب جماعة إلى هذا. يروى ذلك عن عبد الله بن مغفل وبه قال مالك والأوزاعي وأصحاب الرأي، وعليه قرّاء المدينة والبصرة. وذهب جماعة إلى أنها آية من الفاتحة وهو قول ابن عباس وأبي هريرة وابن عمر وبه قال سعيد بن جبير وعطاء وإليه ذهب الثوري وابن المبارك والشافعي وأحمد وإسحاق، وعليه قرّاء مكة والكوفة وأكثر فقهاء الحجاز. شرح السنة ٣/ ٤٩.