للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

التوحيد خير من الدهر كله معصية، وكلمة من الإِيمان أفضل من كفر الخلق بأجمعهم ومن فضائله وجود التوبة فيه وقيام الساعة وهي المقصود الأعظم والغاية المطلوبة، وإصاخة (١) البهائم تنتظر قيام الساعة وإنما يخلق الله تعالى لها ذعرًا واستشعارًا في ذلك اليوم دون غيره من الأيام تنبيهًا على شرفه وفيه الساعة المستجابة.

وقد اختلف الناس فيها فمنهم من قال هي مخفية الوقت دي جملة اليوم كإخفاء ليلة القدر في جملة العام أو الشهر (٢).

وقد كان في المسجد الأقصى بعض المريدين يعتكف يوم الجمعة من صلاة الصبح إلى الضحى، وفي الجمعة الثانية من الضحى إلى الظهر، وفي الجمعة الثالثة من الظهر إلى العصر، وفي الجمعة الرابعة من العصر إلى المغرب فاستحسنت ذلك بحضرة شيخنا أبي بكر الفهري فقال لي: ومن أين تعلم أنها تحصل له ولعلها تنتقل انتقال ليلة القدر؟ ومنهم من قال: هي حين جلوس الإِمام على المنبر إلى انقضاء الصلاة (٣)، ومنهم من قال: هي من العصر إلى غروب الشمس وهي الساعة التي تيب فيها على آدم على ما روي


(١) قال في النهاية: ما من دابة إلا وهي مصيخة، في مستمعة منصتة. النهاية ٣/ ٦٤ ونقل المباركفوري عن الخطابي قوله مسيخة، كما في رواية أبي داود، معناه مصغية مستمعة يقال: أصاخ وأساخ. بمعنى واحد. عون المعبود ٣/ ٣٦٨.
(٢) ورد عند الحاكم من رواية أبي سلمة قال: قلت والله لو جئت أبا سعيد الخدري فسألته عن هذه الساعة لعله أن يكون عنده منها علم فأتيته فقلت يا أبا سعيد إن أبا هُرَيْرَة حدَّثنا عن الساعة التي في يوم الجمعة فهل عندك منها علم؟ فقال سألنا النبي، - صلى الله عليه وسلم -، عنها فقال: إِني كنت أعلمها ثم نسيتها كما أُنسيت ليلة القدر، ثم خرجت من عنده فدخلت على عبد الله بن سلام فذكر الحديث.
قال الحاكم: صحيح وكذا قال الذهبي. المستدرك ١/ ٢٧٩ - ٢٨٠ ورواه ابن خزيمة ١/ ١٢٢ وروى عبد الرزاق عن معمر قال: سألت الزهري عن الساعة التي يستجاب فيها الدعاء من يوم الجمعة فقال: ما سمعت فيها بشيء أحدثه إلا أن كعبًا كان يقول: لو قسم إنسان جمعه في جمع أتى على تلك الساعة. المصنف ٣/ ٢٦١، قال ابن المنذر: معناه أنه يبدأ فيدعو في جمعة من الجمع من أول النهار إلى وقت معلوم ثم في جمعة أخرى يبتدىء من ذلك إلى وقت آخر حتى يأتي على آخر النهار. فتح الباري ٢/ ٤١٧، قلت: لعل هذا هو دليل المريدين الذين حكى عنهم المؤلف، كما سيأتي.
(٣) رواه مسلم في كتاب الجمعة باب الساعة التي في يوم الجمعة ٢/ ٥٨٤ من حديث أبي موسى الأشعري قال: قَالَ لِي عبْدُ الله بْنُ عُمَرَ: أسَمِعْتَ أبَاكَ يُحَدِّثُ عَنْ رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، في شَأْنِ سَاعَةِ الْجُمُعَةِ؟ قَالَ: قُلْتُ نَعَمْ سَمِعْتُهُ يَقُولُ سَمِعْتُ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: "هِيَ مَا بَيْنَ أن يَجْلِس الْإِمَامُ إِلى أن تَنْقضِيَ الْصَّلاَةُ" ورواه أبو داود ١/ ٦٣٦.

<<  <   >  >>