للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

جائز في كلام العرب قال الشاعر:

بال سهيل في الفضيخ (١) فَفسد (٢)

فنسبه إليه حين اقترن به وإن لم يكن ذلك من فعله، والله أعلم. وعلى هذا النحو جاء قوله - صلى الله عليه وسلم -: "فَإِنَّ الله لَا يَمَلُّ حَتَّى تَمَلُّوا" (٣)، والله أعلم.

والملال صفة نقص مصدرها العجز، وذلك مستحيل على الله تعالى ولكنه أخبر بها عن نفسه استلطافًا بعبده كما قال: {مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا} (٤) فأنزل نفسه منزلة المحتاج وهو الغني وكما قال تعالى: عَبْدِي مَرِضْتُ فَلَمْ تَعُدْنِي وَجِعْتُ فلَمْ تُطْعِمْنِي وَعَطِشْتُ فَلَمْ تَسْقِنِي فَيَقُولُ وَكَيْفَ تَمْرَضُ وَأَنْتَ رَبُّ الْعَالَمِينَ فَيَقُولُ مَرَضَ عَبْدِي فُلاَنٌ فَلَوْ عُدْتَهُ لَوَجَدْتَنِي عِنْدَهُ وَجَاعَ عَبْدِي فُلَانٌ وَعَطِشَ وَلَوْ أَطْعَمْتَهُ وَسَقَيْتَهُ لَوَجَدْتَنِي عِنْدَهُ (٥). فكان له تعالى في ذلك فضلان، والله ذو الفضل العظيم.

أحدهما: كناية عن المريض والمحتاج بنفسه الكريمة برأيه (٦).

والثاني: استلطافه بقلوب عباده ترفيقًا لهم حتى يميلوا إلى الطاعة، وصار هذا في


= كالكنيف المعد للبول إذ من عادة المستخف بالشيء أن يبول عليه، وقيل مَثَلٌ مضروب للغافل عن القيام بثقل النوم كمن وقع البول في أذنه وأفسد حسه والعرب تكني عن الفساد بالبول: بال سهيل في الفضيخ ففسد، وكني بذلك عن طلوعه لأنه وقت إفساد الفضيخ، فعبر عنه بالبول. فتح الباري ٣/ ٢٨ - ٢٩.
(١) الفضيخ عصير العنب وشراب يتخذ من بسر مفضوخ ولبن عليه الماء. ترتيب القاموس ٣/ ٣٩٩.
(٢) لسان العرب ٣/ ٤٥. فقال: قال الراجز، ولم يعزه.
(٣) الحديث متفق عليه أخرجه البخاري في كتاب الإِيمان باب أحب الدين إلى الله أَدْوَمه ١/ ١٧، وفي كتاب التهجد باب ما يكره من التشديد في العبادة ٢/ ٤٨ وفي كتاب اللباس باب الجلوس على الحصير ونحوه ٧/ ١٩٩، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين باب فضيلة العمل الدائم من قيام الليل وغيره ١/ ٥٤٠، وفي كتاب الصيام باب صيام النبي - صلى الله عليه وسلم - ٢/ ٨١١، وأبو داود ٢/ ٤٨، والنسائي ٣/ ٢١٨ و ٨/ ١٢٣، وابن ماجه ٢/ ١٤١٦، والموطّأ ١/ ١١٨ كلهم عن عائشة.
(٤) سورة الحديد آية ١١.
قال ابن كثير عند تفسير هذه الآية: يحث الله تعالى عباده على الإنفاق في سبيل الله، وقد كرر الله تعالى هذه الآية في كتابه في غير موضع. تفسير ابن كثير ١/ ٥٣١.
(٥) مسلم في كتاب البر والصلة باب فضل عيادة المريض ٤/ ١٩٩٠ من رواية أبي هُريْرَة.
(٦) كذا في جميع النسخ ولعلها برؤيته.

<<  <   >  >>