للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وروي عن أشهب إنه قال: ركعتا الفجر سنّة (١). ولعله أخذه من حديث عائشة رضي الله عنها (مَا كَانَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - عَلَى شَيْءٍ مِنَ النَّوافِلِ أَشَدَّ تَعَاهُدًا مِنْهُ عَلَى رَكْعَتَي الْفَجْرِ) (٢).

ولسنا نحجر عليه الاسمية، ولكنّا نقول إنها ليست كصلاة العيد، فإذا انفصلت عنها بصفتها (٣) فلتنفصل عنها باسمها قصد البيان، ثم سمينا ما كان فيه دعاء مجرد ووعد بثواب مطلق فضيلة، مأخوذ من الفضل وهي الزيادة، ثم سمي ما عدا الفرض نفلاً؛ لأن النفل أيضًا هو الزيادة، وإذا تغايرت المعاني فلا بد من تغاير الألفاظ لأنها طبقها، فلا تحقروا هذا الفضل واتخذوه دستورًا فإنه نشأ فيه على النظار غلط عظيم.

وأما التكبير في صلاة العيد قبل القراءة فاختلف فيه العلماء اختلافاً كثيراً وليس فيه حديث صحيح يعوَّل عليه (٤)، لكن يترجح مذهب مالك، رضي الله عنه، على غيره في


(١) قال صاحب الخطاب: وهو القول الثاني لمالك وبه أخذ أشهب قال ابن عبد البر وهو الصحيح. الخطاب ٢/ ٧٩.
(٢) متفق عليه. أخرجه البخاري في التهجد في الليل باب تعاهد ركعتي الفجر ٢/ ٧١ - ٧٢. ومسلم في صلاة المسافرين باب استحباب ركعتي سنة الفجر ١/ ٥٠١.
(٣) في (م) بهيأتها.
(٤) روى الترمذي من طريق كثير بن عبد الله عن أبيه عن جده أن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، كبَّر في العيدين في الأولى سبعًا قبل القراءة، وفي الآخرة خمسًا قبل القراءة، وقال حديث كثير حديث حسن، وهو أحسن شيء روي في هذا الباب عن النبي، عليه السلام، سنن الترمذي ٢/ ٤١٦، ورواه ابن ماجه ١/ ٤٠٦، والبغوي في شرح السنة ٤/ ٣٠٨.
والحديث ضعيف من أجل كثير بن عبد الله قال عنه الحافظ في ت ضعيف ت ٢/ ١٣٢، وقال في ت ت: قال عنه أحمد: منكر الحديث، وقال أبو داود: كان أحد الكذّابين، وقال النسائي والدارقطني: متروك الحديث، وقال ابن عدي: عامة ما يرويه لا يتابع عليه. وقال ابن عبد البر: مجمع على ضعفه ت ت ٨/ ٤٢٢ - ٤٢٣، وقال ابن حبان: قال ابن أبي أويس: منكر الحديث جدًا روى عن أبيه عن جده نسخة موصوعة لا يحل ذكرها في الكتب ولا الرواية عنه إلا على جهة التعجب، وكان الشافعي يقول هو ركن الكذب. المجروحين ٢/ ٢٢١ - ٢٢٢. ومن خلال الترجمة السابقة يظهر ضعيف كثير بن عبد الله الذي حسَّن الترمذي حديثه، ونقل الزيلعي في نصب الراية ٢/ ٢١٨ عن أحمد بن حنبل قوله: ليس في تكبير العيدين عن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، حديث صحيح وإنما أخذ مالك فيها بفعل أبي هُرَيْرَة.
وقال الحافظ في التلخيص ٢/ ٩٠ أنكر جماعة تحسينه على الترمذي.
درجة الحديث: ضعيف كما قال الشارح.

<<  <   >  >>