للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عدد التكبير فيه بالأصل الذي مهدناه لكم من نقل أهل المدينة للعبادات وهيئاتها (١).

وقد قال (ش) إن السنة أن يقرأ فيها بـ {ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ (١)} و {اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ (١)} على حسب ما روى (٢) مالك، رضي الله عنه، عن أبي واقد الليثي، وليس للقراءة فيها حد محدود، فإنه قد روي عنه - صلى الله عليه وسلم - (أَنَّهُ قرأ فِيهَا بِغَيْر ذلِكَ) (٣). وعجبت من الشافعي يستنّ في صلاة العيد قراءة {ق} و {اقْتَرَبَتِ} لأن النَبي - صلى الله عليه وسلم -، كان يقرأ بهما ويقول يصليها المسافر، والنبي - صلى الله عليه وسلم -، إنما كان يصليها في الحضر (٤).

فإن قيل لمّا كانت تصلى في الصحراء ويبرز عن المدينة إليها صارت كسائر النوافل. قلنا ولمَ لَمْ ينظر إلى الجماعة والخطبة وذلك أقعد بها من البروز لها.


(١) انظر المدونة ١/ ١٦٩ والإشراف على مسائل الخلاف للقاضي عبد الوهاب ١/ ١٤٢، عمل أهل المدينة ص ٢٦٧.
وقال الشارح في الأحكام: اختلف رأي الفقهاء [أي في التكبيرة في العيدين]، فقال مالك والشافعي والليث وأحمد بن حنبل وأبو ثور سبعًا في الأولي وخمسًا في الثانية، إلا أن مالكًا قال: سبعًا في الأولى بتكبيرة الإحرام، وقال الشافعي: سوى تكبيرة الإحرام، قال أحمد وأبو ثور: سوى تكبيرة القيام، وقال الثوري وأبو حنيفة. يكبِّر خمسًا في الأولى وأربعًا في الثانية ست فيها زوائد وثلاث أصليات بتكبيرة الافتتاح .. وإنما يترجح فيها عند النظر إليها.
أن يقال إن المرء مخيَّر في كل رواية فمن فعل منها شيئًا تم له المراد منها لأن الغرض نفسه التكبير لا قدره. وإما أن يقال: إن رواية أهل المدينة أرجح لأجل أنهم بالدين أقعد فإنهم شاهدوها فصار نقلهم كالتواتر لها. الأحكام ١/ ٨٧ - ٨٨.
(٢) الموطأ ١/ ١٨٠ عن ضَمْرَةَ بْنِ سعِيدٍ المَازِنِيِّ عن عُبيدِ الله بْنِ عبدِ الله بْنِ عُتْبةَ ابْنِ مَسْعُودٍ أنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ سَألَ أَبَا وَاقِدِ اللَّيْثِيِّ مَا كَانَ يَقْرَأُ بِهِ رَسُول الله، - صلى الله عليه وسلم -، في الأضْحَى وَالْفِطْرِ؟ فَقَالَ: كَانَ يَقْرأ بِـ {ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ (١)} و {اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ (١)}، وهذا مرسل لأن عبيد الله بن عبد الله لم يدرك عمر.
ورواه مسلم من طريق عُبَيدِ اللِه بْنِ عَبْدِ اللِه بْن عُتْبَةَ عَنْ أَبِي وَأقِدِ اللَّيْثِي قَالَ: سَألَنِي عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ عَمَّا قَرَأَ بِهِ رَسُولُ اللِه، - صلى الله عليه وسلم -، في يَوْمِ الْعيِدِ. مسلم في صلاة العيدين باب كما يقرأ به في صلاة العيدين ٢/ ٦٠٧، والبغوي في شرح السنة ٤/ ٣١٠، قال النووي: هذه الرواية متصلة فإنه أدرك أبا واقد بلا شك وسمعه بلا خلاف. شرح النووي على مسلم ٦/ ١٨١.
(٣) روى مسلم في حديث الْنّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللِه، - صلى الله عليه وسلم -، يقْرأ في الْعِيدَيْنِ وَفِي الْجمُعَةِ بـ {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى (١)} و {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ (١)}. مسلم في كتاب الجمعة باب ما يقرأ في صلاة الجمعة ٢/ ٥٩٨.
(٤) انظر مذهب الشافعي في روضة الطالبين ٢/ ٧٠، والمجموع ٥/ ٢٥.

<<  <   >  >>