للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كثيرة (١).

والمرء يصرف بين الحياة والموت منذ خُلِقَ إلى أن يدخل الجنة أو النار خمس مراتب:

الأولى: في صُلب آدم ولا يؤمن بها إلا سنّي.

والثانية: حياة الدنيا ولا ينكرها أحد لأنها مشاهدة.

والثالثة: في القبر ولا يضيق عنها إلا حوصلة ملحد.

والرابعة: حياة الآخرة.

والخامسة: روي في الآثار أن الله أمر إِبراهيم، عليه السلام، فنادى أيها الناس حجوا، ثم أوجد له الخلق وأسمعهم النداء فمن أجابه حج ومن لم يجبه لم يحج (٢)، وذلك قوله تعالى {وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ} (٣) وهذا (٤) جائز في حكم الله وقدرته لو صح ومعنى قوله {وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ} أعلمهم به، فإن قيل أنتم تقولون يقام الميت (في قبره) (٥) ويقعد ونحن نشاهده ساكناً لا يتحرك.

قلنا: إن كان هذا السائل كافراً فكلامنا معه في كتب الأصول فتبين متعلق القدرة وكيفية الإدراك. وإن كان من جلدتنا، قلنا: يكون هذا كما يأتي جبريل إلى النبي، - صلى الله عليه وسلم -، وهو في أصحابه فيكلمه بمثل صلصلة الجرس فلا يرى أحد شيئاً ولا يسمع صوتاً (٦).


(١) منها حديث عائشة المتفق عليه وفيه "وَلَقَدْ أُوحِىَ إِلَيَّ أنَّكُمْ تُفْتَنُونَ في الْقُبُورِ مِثْلَ أوْ قَريباً مِنْ فتُنَةِ الدَّجَّالِ". البخاري في الكسوف باب صلاة النساء مع الرجال في الكسوف ٢/ ٤٧، ومسلم في صلاة الكسوف باب ما عُرض على النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، في صلاة الكسوف من أمر الجنة والنار ٢/ ٦٢٤.
(٢) قال ابن كثير ورد عن ابن عباس ومجاهد وعكرمة وسعيد بن جبير وغير واحد من السلف. وأوردها ابن جرير وابن أبي حاتم مطولة. تفسير ابن كثير ٤/ ٤٣٢، وانظر تفسير القرطبي ١٢/ ٣٨.
(٣) سورة الحج آية ٢٧.
(٤) في (م) وذلك.
(٥) ليست في (ك) و (م).
(٦) متفق عليه. البخاري في كتاب بدء الوحي باب حدثنا عبد الله بن يوسف ١/ ٢ - ٣ ومسلم في كتاب الفضائل باب عرق النبي - صلى الله عليه وسلم -، في البرد وحين يأتيه الوحي ٤/ ١٨١٦، ومالك في الموطأ ١/ ٢٠٢، ٢٠٣ كلهم عَنْ عَائِشَةَ أم الْمُؤْمِينَ، رَضِيَ الله عَنْهَا، أنَّ الْحَارِثِ بْنَ هِشَامٍ، رَضِيَ الله عَنْهُ، سألَ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم -، فَقَالَ: يَا رَسُولَ الله؟ كيفَ يَأتِيكَ الْوَحْيُ؟

<<  <   >  >>