للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

منها على أنها عادة أجراها الله تعالى فلا شيء عليه.

فإن الله قد أجرى العوائد في السحاب والرياح والأَمطار بمعاني ترتبت في الخلقة وجاءت على نسق في العادة، ولذلك (١) أدخل مالك، رضي الله عنه، مبيّنًا لهذه الحقيقة قوله (إِذَا أنْشَأتْ بَحْرِيَّةً ثُمَّ تَشَامَتْ فَتِلْكَ عَيْن غُرَيْقَةٌ) (٢).


(١) في (م) ولهذا.
(٢) الموطّأ ١/ ١٩٢، والشافعي في الأُم ١/ ٢٢٥ بلفظ (إذا نَشَأَتْ بَحْرِيةً ثُمّ اسْتَحَالَتْ شَاميَّةً فَهُوَ أَمْطَرَ لَهَا). ونقل الزرقاني عن ابن عبد البر قوله: لا أعرف هذا الحديث بوجه فيِ غير الموطّأ إلا ما ذكره الشافعي فيِ الأم عن محمد بن ابراهيم بن أبي يحيى عن إسحاق بن عبد الله (أَنَّ النَّبِيّ، - صلى الله عليه وسلم -، قَالَ: إذَا نَشَأَتْ بَحْرِيَّةً ثمَ اسْتَحَالَتْ شَامِيَّةً فَهُوَ أَمْطَرَ لَهَا) قال: وابن أبي يحيى وإسحاق ضعيفان لا يحتج بهما. شرح الزرقاني ١/ ٣٨٩ - ٣٩٠.
وقال ابن الصلاح: وأما حديث إذا نشأت بحرية .. فذكر ابن عبد البر أنه لم يرد بمعناه إلا فيما رواه الشافعي عن إبراهيم بن يحيى قال وإبراهيم متروك الحديث. قال ابن الصلاح ولم يسنده الشافعي أيضًا فهو منقطع عنده .. وساق ابن الصلاح بسنده إلى حمزة بن محمد الكتاني الحافظ قال: كل شيء رواه مالك في الموطّأ مسنداً ومرسلاً فقد روي عن رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، من غير جهته إلا حديثين أحدهما (إنِّي لَا أنسى لأسن والآخر إِذَا نَشَأَت بَحْرِيَّةً ..) إلى أن قال: والقول الفصل في ذلك كله أن هذه الأحاديث الأربعة لم ترد بهذا اللفظ المذكور في الموطّأ ولا ورد ما هو في معنى واحد منها بتمامه في غير الموطّأ إلا حديث (إذا نَشَأَتْ بَحْرِيَّةً) من وجه لا يثبت، والثلاثة الأُخر واحد وهو حديث (لَيْلَةِ الْقَدْرِ) ورد بعض معناه من وجه غير صحيح، واثنان منها ورد بعض معناهما من وجه جيد أحدهما صحيح وهو حديث النسيان والآخر حسن وهو حديث وصية معاذ رضي الله عنه. ثم ساق بسنده إلى محمد بن عمر الواقدي قال نا عبد الحكيم بن عبد الله ابن أبي فروة قال سمعت عوف بن الحارث يقول سمعت عائشة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - تقول سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: (إذَا نَشَأتْ بَحْرِيَّةً فَتِلْكَ عَيْن أو قَالَ عَامُ غُرَيْقَة) يعني مطراً كثيراً .. وقال: ليس إسناده بذاك لمكان محمد بن عمر والظاهر أنه الواقدي، والله أعلم، إلى أن قال: وأما قول ابن عبد البر عن حديث الشافعي إنه رواه عن إبراهيم بن أبي يحيى وهو متروك الحديث فيه تساهل من حيث أنه غيره بما ظن أنه منه، وكأنه تبع في ذلك رأي الربيع بن سليمان صاحب الشافعي، رحمه الله .. وساق بسنده إلى محمد بن يعقوب قال: سمعت الربيع يقول إذا قال الشافعي أخبرني الثقة يريد به يحيى بن حسان، وإذا قال أنا من لا أتهم يريد به إبراهيم بن أبي يحيى، وإذا قال بعض الناس يريد به أهل العراق، وإذا قال بعض أصحابنا يريد به أهل الحجاز، وقال البيهقي وقد قال الشافعي أنا الثقة غير معمر والمراد به إسماعيل بن علية لتسميته إياه في موضع آخر، وقال البيهقي في قوله أنا الثقة لا يوقف على مراده به إلا بظن غير مقرون بعلم. رسالة ابن الصلاح في وصل البلاغات الأربع في الموطّأ ص ١٠ - ١٣.
أقول: الحديث ساقه ابن الصلاح كشاهد لحديث الباب، رواه الطبراني في الأوسط, كما ذكر ذلك الهيثمي في مجمع الزوائد ٢/ ٢١٦ - ٢١٧ ونقل عن الطبراني قوله تفرد به الواقدي، وقال الهيثمي، قلت: وفي الواقدي كلام وقد وثقه غير واحد وبقية رجاله لا بأس بهم وقد وثقوا.
درجة هذا الحديث: ضعيف كما قال ابن عبد البر.

<<  <   >  >>