للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بحياته ثم زاده شرفاً فأقسم بغبار خيله فقال: {وَالْعَادِيَاتِ ضَبْحًا (١)} (١) ومقاماته في الشرف كثيرة، وهذا أنموذح منها.

حديث ابن عباس، رضي الله عنهما (الْلَّهُمَّ إِنِّي أعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَاب جَهَنَّمَ) (٢). جهنم دار أعدت للكافرين كما أعدت الجنة للمتقين، وخلقت قبل خَلق السموات والأرضين. وقالت المبتدعة إنها لم تخلق بعد؛ لأنه لا فائدة من خلقها قبل الحاجة إليها (٣).

قلنا: ومن الذي يلزمه أن (٤) يعرفنا وجه الحكمة فيما فعل فبفضله، وإن شاء أن يبقينا في حالة الجهالة فحقه، له الحجَّة ومنه الفضل والمنَّة، ولو لم يكن من فائدتها إلا معاينة الملائكة والأنبياء لها، ورؤية المؤمن والكافر عند الموت مقعديهما فيهما وعذاب القبر قد تقدم (٥).

وأما الدجَّال (٦) فسيأتي بيانه، إن شاء الله تعالى. وأما المسيح فهو بالميم المفتوحة والسين المكسورة المخففة والحاء المهملة، لا يقوله بالسين المشدّدة إلا من شدّ الجهل عليه رباطه، ولا يقولها بالخاء المعجمة إلا من أدركته عجمة الضلالة. وبناء (م س ح) في كلام العرب على ثمانية (٧) معان يشترك فيها مسيح الهدى ومسيح الضلالة في معان، ويتفرد مسيح الضلالة أيضاً عن مسيح الهدى في ذلك بمعان. فما ينفرد به عيسى، عليه السلام، أنه كان يمسح على ذي العاهة فيبرأ (٨) فعيل بمعنى فاعل. وأما ما ينفرد به مسيح


(١) سورة العاديات آية ١.
(٢) الموطأ ١/ ٢١٥، ومسلم كتاب المساجد ومواضع الصلاة باب ما يستعاذ منه في الصلاة ١/ ٤١٣ ولفظه أَنَّ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم -، كَانَ يُعَلِّمُهُمْ لهذَا الدُّعَاءَ كَمَا يُعَلِّمُهمُ السورَةَ مِنَ الْقرْآنِ يَقُولُ (اللَّهُمَّ إنِّي أعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ جهنم، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ، وَأعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ، وَأعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الْمَحْيَا وَالْمَمَاتِ).
(٣) هذا القول قال به المعتزلة. انظر شرح العقيدة الطحاوية ص ٤٧٦.
(٤) في (م) و (ك) أن يفعل لفائدة معجلة أومؤجلة الله يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد فإن شاء أن
(٥) تقدم.
(٦) تقدم.
(٧) انظر لسان العرب ٢/ ٥٩٣.
(٨) قال ابن كثير: قال بعض السلف سمي مسيحاً لكثرة سياحته، وقيل لأنه كان مسيح القدمين لا أخمص لهما، وقيل لأنه كان إذا مسح أحداً من ذوي العاهات برئ. تفسير ابن كثير ٢/ ٣٩ - ٤٠، وانظر تفسير القرطبي ٤/ ٨٩.

<<  <   >  >>