للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أن النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال لأهل بيت أخّروا دفن ميتهم "عَجِّلُوا بِدَفْنِ جِيفَتِكُمْ وَلَا تُؤَخِّرُوهَا" (١). فإن قيل فلم أُخِّر دفنُ النبي - صلى الله عليه وسلم -، قلنا: لثلاثة أوجه:

أحدها: أن الناس لم يتفقوا على موته فكيف يُدفن رجلٌ قال واحد مات، وقال آخر لم يمت (٢).

الثاني: إنه إنما أُخِّر دفنه لأنه لم يعلم أين يدفن فقال قوم: يدفن في البقيع، وقال قوم: في المسجد، وقال قوم: يحبس حتى يحمل إلى أبيه إِبراهيم إذا فتحت (٣) حتى قال العالم الأكبر (٤)، سمعته يقول: ما دُفن قط نبي إلا حيث يموت (٥).

الثالث: أنهم اشتغلوا في الخلاف الذي وقع بين المهاجرين والأنصار في البيعة فنظروا فيها حتى استتب الأمر وانتظم الشمل واستوثقت الحال، واستقرت الإمامة في نصابها فرجعوا بعد ذلك إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فنظروا في دفنه فغسَّلوه وكفَّنوه ودفنوه، واختُلف هل صُلَّي عليه أم لا؟ فمنهم من قال: لم يصلِّ عليه أحدٌ، وإنما وقف كل أحد يدعو لأنه


(١) رواه أبو داود في سننه من طريق الحصين بن وحوح أنَّ طَلْحَةَ بْنِ الْبُرَّاءِ مَرضَ فَأتَاة النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -، يَعُودُهُ فَقَالَ (إنِّي لاَ أرَى طَلْحَةَ إلَّا قَدَ حَدَثَ فِيهِ الْمَوْتُ فَآذنُوني بِهِ وَعَجِّلوا فَإنَّة لاَ يَنْبَغِي لِجِيفَةِ مسلِمٍ أنْ تُحبَسَ بَيْنَ ظَهْرَاني أهْلِهِ)، سنن أبي داود ٣/ ٥١٠ والبيهقي في السنن الكبرى ٣/ ٣٨٦ والحديث فيه سعيد بن عثمان البلوي قال عنه الحافظ مقبول من السادسة ت ١/ ٣٠٢، وقال في ت ت ذكره ابن حبان في الثقات ت ت ٤/ ٦٢. كما أن فيه عروة ويقال عزرة، بزاي وراء مع فتح أوله، ابن سعيد مجهول من السادسة جاء في الإسناد بالشك/ د ت ٢/ ١٩ وانظر ت ت ٧/ ١٨٥، ونقل المنذري عن البغوي قوله، ولا أعلم روى هذا الحديث غير سعيد ابن عثمان البلوي وهو غريب. مختصر سنن أبي داود ٤/ ٣٠٤.
درجة الحديث: ضعيف.
(٢) والقائل لم يمت عمر، رضي الله عنه، انظر السيرة لابن كثير ٤/ ٤٧٩ وطبقات ابن سعد ٢/ ٢٦٦.
(٣) كذا في جميع النسخ والعبارة غير واضحة.
(٤) هو أبو بكر الصديق رضي الله عنه.
(٥) الموطّأ ١/ ٢٣١ مَالِك أنة بَلَغَهُ أنَّ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم -، توُفِّيَ يَوْمَ الْإثْنَيْن وَدُفِنَ يَوْمَ الثلَاثاءِ. قال ابن عبد البر: هذا الحديث لا أعلمه يُروى على هذا النسق بوجه من الوجوه غير بلاغ مالك هذا، ولكنه صحيح من وجوه مختلقة، وأحاديث شتى جمعها مالك. تنوير الحوالك ١/ ٢٢٩ ورواه ابن ماجه من طريق ضعيف سيأتي الكلام عليها سنن ابن ماجه ١/ ٥٢١.
وأخرجه ابن سعد من طريق داود ابن الحصين عن عكرمة عن ابن عباس ومن طريق هشام ابن عروة عن أبيه عن عائشة. طبقات ابن سعد ٢/ ٢٩٢.
درجة الحديث: صححه ابن عبد البر كما تقدم.

<<  <   >  >>