للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ابن بيضاء، وكانت عائشة، رضي الله عنها، رأت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، في المسجد فأخبرت عما رأت، ولقد صليتُ بِتَوْزَر (١) على القاضي (٢) بن هلال في المسجد جعلته عند الباب القبلي وقمتُ أنا في المسجد إماماً، وصلى الناس كلهم ورائي في المسجد لأن العرب كانت تمنع من الخروج إلى المصلّى، وعلى هذا النحو صلَّى عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، في المسجد (٣). وأما الصلاة على القبر فليست بمشروعة عند مالك (٤)، رضي الله عنه، وهو الصحيح من قول سائر العلماء، وصلاة النبي - صلى الله عليه وسلم -, على القبر إنما كانت لأنه دُفن بغير صلاة، إذ قال لهم: آذِنوني به، فلم يفعلوا، فوقعت الصلاة غير مجزية، فوجب إعادة الصلاة (٥). ولكن قال مالك رضي الله عنه، إنما يُصلّى على القبر إذا كان حديثاً (٦). والصحيح إنه إذا دُفن بغير صلاة صُلِّي عليه أبداً، وأما دفنه فإن السنَّة فيه الإسراع، وروي


= كتاب الجنائز باب الصلاة على الجنازة في المسجد ٢/ ٦٦٨، وأبو داود من طريق أبي النضر عن أبي سلمة عن عائشة ٣/ ٢٠٧، والترمذي مثل إسناد مسلم ٣/ ٥٣٠، والنسائي ٤/ ٦٨ وابن ماجه ١/ ٤٨٦، وساقه البغوي بإسنادين: الأول عن أبي النضر عن عائشة، والثاني عن أبي النضر عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن عائشة ٥/ ٣٥٠ - ٣٥١ وقال النووي: هذا الحديث مما استدركه الدارقطني على مسلم، وقال: خالف الضحاك حافظان مالك وابن الماجشون فروياه عن أبي النضر عن عائشة مرسلاً، وقيل عن الضحاك عن أبي النضر عن أبي بكر بن عبد الرحمن، ولا يصح إلا مرسلًا .. قال: وهذه الزيادة التي زادها الضحاك زيادة من ثقة وهي مقبولة لأنه حفظ ما نسي غيره فلا تقدح فيه. شرح النووي على مسلم ٧/ ٤٠ - ٤١.
(١) تَوْزَر، بالفتح ثم السكون وفتح الزاء، مدينة في أقصى أفريقية من نواحي الزاب الكبير من أعمال الجريد مغمورة، بينها وبين قفصة عشرة فراسخ، وأرضها سبخة بها نخل كثير. مراصد الاطلاع ١/ ٢٨٠ وانظر معجم البلدان ٢/ ٥٧.
(٢) القاضي بن هلال لم أعثر على ترجمته.
(٣) الموطّأ ١/ ٢٣٠، وعن مالك رواه عبد الرزاق في المصنف ٣/ ٥٢٦.
درجة الحديث: صحيح.
(٤) وهو أيضاً مذهب أبي حنيفة، انظر شرح فتح القدير ١/ ٤٨٥.
(٥) قد صحّ ذلك من حديث ابن عباس المتفق عليه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (مَرَّ عَلى قبرٍ دُفِنَ ليلًا فقالَ: مَتَى دُفِنَ هذَا؟ قَالوا البَارِحَةَ، قَالَ: أفلا آذنتموني؟ قَالُوا: دفَنّاه في ظلْمَةِ الليل فَكَرَهْنَا أنْ نوقظَكَ، فَقَامَ فصفَفنا خَلْفَه قَال ابن عَبَّاسٍ وَأنا فيهم فَصَلَّى عَلَيْهِ) البخاري في الجنائز صفوف الصبيان مع الرجال في الجنائز ٢/ ١٠٩ ومسلم في الجنائز باب الصلاة على القبر ٢/ ٦٥٨ والبغوي في شرح السنة ٥/ ٣٦١.
(٦) في رواية ابن القاسم وإنمَا يُصَلَّى عَلَى الْقَبْرِ مَا لَمْ يُطْلَ. المدونة ١/ ١٧٠.

<<  <   >  >>