للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأما الحب والتمر فهما جنسان يجب الزكاة، في مذهبنا، من أنواعها في عشرين نوعاً باختلاف في ذلك بين العلماء وأهل المذهب يأتي تفصيله، إن شاء الله تعالى، جملتها أن المقتات من النبات هو الذي تتعلق به الزكاة عندنا. وقال (ح) تتعلق بالخضروات (١) لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "فِيمَا سَقتِ السَّمَاءُ الْعُشْرُ وَفِيمَا سُقِيَ بالنضحِ أوْ دَالِيَةً أوْ كَانَ عَثَرِياً (٢)، نِصْفُ الْعُشْرِ" (٣)، وهذا عام في كل ثابت مسقى سماوياً كان أو غير سماوي. الجواب أنا نقول، وهي مسألة أصولية، أن الألفاظ الموضوعة للعموم قد تأتي على قصد الخصوص، والألفاظ الموضوعة للخصوص قد تأتي على قصد العموم، وإنما يعول في ذلك على القصد. وقوله (فِيمَا سَقَتِ السمَاءُ وَفيمَا سُقِيَ بِالنضْحِ) لم يأتِ لبيان الشمول في النوعين، وإنما جاء لبيان الفرق بين مقدار الزكاة في القسمين. هذا وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لَيْسَ فِيمَا دونَ خَمْسَةِ أوْسُقٍ صِدِقِةٌ" (٤)، فقضى بهذا الخاص على ذلك العام لو كان مستوفياً لبيان العموم فكيف وليس به؟ وقد قال بعض الناس معنى قوله "لَيْسَ فِيمَا دونَ خَمْسَةِ أوْسُقٍ" ليس في غير خمسة أوسق، وذكر أن (دون) قد تأتي بمعنى (غير) قال الله تعالى: {أَلَّا تَتَّخِذُوا مِنْ دُونِي وَكِيلًا} (٥) يريد من غيري (٦). وقد تبين أن المراد في هذا الحديث بقوله (دون) (أقل) بما ورد في الحديث الآخر، قال. رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (وَلَيْسَ في حَبِّ وَلاَ تَمْرٍ صَدَقَةٌ حَتى تَبْلُغَ خَمْسَةَ أوْسُقٍ) (٧)؛ فعم الحب والتمر وبين أن (دون) بمعنى (أقل) وعيَّن ذلك في المقتات الذي تدعو الحاجة إليه، ويتشاح


= تَطَؤُهُ ذات الظلْفِ بَظلْفِهَا وَتنْطَحهُ ذَاتُ الْقَرْنِ بِقَرْنهَا لَيْسَ فِيهَا يَؤْمَئِذٍ جَمَّاء وَلَا مَكْسورَة الْقَرْنِ، وَلاَ مِنْ صَاحِبِ مال لَا يؤَدي زَكَاتَة إلَّا تَحَوَّلَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ شُجاعاً أقرَعَ" ..
(١) انظر شرح فتح القدير لابن الهمام ٢/ ٣.
(٢) العثري هو الذي يشرب بعروقه من غير سقي، كما قال الخطابي. فتح الباري ٣/ ٣٤٩.
(٣) حديث البخاري في الزكاة باب العشر فيما سقي من ماء السماء وبالماء البخاري ٢/ ١٥٥، وأبو داود ٢/ ٢٥٢، والنسائي ٥/ ٤١، وابن ماجه ١/ ٥٨١، والبغوي في شرح السنة ٦/ ٤٢. ونقل الحافظ في التلخيص قول أبي ززعة الصحيح وقفه على ابن عمر ذكره ابن أبي حاتم في العلل. التلخيص الحبير ٢/ ١٧٩، ورواه مسلم ٢/ ٦٧٥ والنسائي ٥/ ٤١، ٤٢ من حديث جابر، والترمذي ٣/ ٣١، وابن ماجه ١/ ٥٨١ من حديث أبي هُرَيْرَة، والنسائي ٥/ ٤٢ وابن ماجه ١/ ٥٨١ من حديث معاذ بن جبل.
(٤) تقدم تخريجه ص ٤٥٦.
(٥) سورة الإسراء آية "٢".
(٦) أي رباً تكلون إليه أموركم. تفسير أبي السعود ٣/ ٤٢٤.
(٧) تقدم.

<<  <   >  >>