للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وثبت عن أنس وغيره أنه قال: سَمِعْتُ رَسُولَ الله، - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: "لَبَّيْكَ بِحِجَّةٍ وَعُمْرَةٍ (١) مَعاً" وثبت أن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، لما نزل العقيق جاءه جبريل فقال له: صَلِّ في هذَا الْوَادي الْمُبَارَكِ وَقُلْ عُمْرَةً في حِجَّةٍ (٢)، إلى أحاديث سواها مختلفة كاختلافها، فإن قيل وهو سؤال وجهته الملحدة واعترض به الطاعنون على الشريعة قالوا: كيف تثقون بالرواية وهذا رسول الله في حجة واحدة قد اجتمع أصحابه حوله وأحدقوا إِليه وتشوَّفوا نحوه يقتدون به ويعملون بعمله لم تنتظم روايتهم ولا انضبط بقولهم ما كان النبي، - صلى الله عليه وسلم -، عليه فهذا حالهم فيما قصدوا إليه بالتحصيل فكيف يكون فيما جاء عرضاً (٣). واختلف في ذلك جواب العلماء على أربعة أقوال. فكان أول من تكلم عليه (ش) في كتاب مختلف الحديث له، وهو كتاب حسن، فتح فيه الطريقة وكشف الحقيقة (٤)، ثم تعرَّض له بعد ذلك جماعة. فأما ابن قتيبة (٥) فهوى على أم رأسه لأنه لبس ما لم يكن من بزّه (٦). وأما الطحاوي فتكلم عليه في ألف وخمسمائة ورقة قرأناها بالثغر (٧) المحروس فأجاد فيما تعلَّق بالفقه الذي كان بابه وكان منه تقصير في غيره (٨). وأما التحقيق فيها فلا يوصل إليه إلا بضبط القوانين وتمهيد


= التمتع ٢/ ٩٠١، وأبو داود ٢/ ٣٩٧، والنسائي ٥/ ١٥١ - ١٥٢، والبغوي في شرح السنة ٧/ ٦٦ كلهم من حديث ابن عمر.
(١) متفق عليه. البخاري في عدة مواضع منها في الحج باب رفع الصوت بالإهلاك ٢/ ١٧٠، وفي الجهاد باب الخروج بعد الظهر ٤/ ٥٩، وفي الإرداف في الغزو والحج ٤/ ٦٧، ومسلم في الحج باب في الإفراد والقران بالحج والعمرة ٢/ ٩٠٥.
(٢) البخاري في الحج باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: الْعَقِيقُ وَادٍ مُبَارَكٌ ٢/ ١٦٧، والبغوي في شرح السنة ٧/ ٧٣ وأحمد انظر الفتح الرباني ١١/ ١٥١، كلهم من حديث عمر، رضي الله عنه.
(٣) هذا القول نقله البغوي ولم يعزه لأحد، وقد قال ما نصه: طعن جماعة من أهل الجهل، ونفر من الملحدين، في أحاديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأطالوا لسان الجهل في أهل الرواية .. شرح السنة ٧/ ٨٧. وانظر كلام ابن حبان في تهذيب السنن ٢/ ٣٢٦ على هذه المسألة فقد نقله ابن القيم رحمه وأقره، وابن حبّان نقل اعتراض الملحدة وأجاب عنه بالجمع بين الأحاديث وأنه لا تضاد بينها.
(٤) سيأتي كلامه.
(٥) انظر مختلف الحديث لابن قتيبة ص ٣٣٧.
(٦) البزّ: الثياب أو متاع البيت من الثياب ونحوها. مختار القاموس ص٥٠. وانظر ترتيب القاموس ١/ ٢٦٥.
(٧) الثغر: هو الموضع الذي يكون حداً فاصلاً بين بلاد المسلمين والكفار، وهو موضع المخافة من أطراف البلاد. النهاية.
قلت: والشارح يقصد بالثغور هنا ثغور الشام لأنه عاش فيها فترة وقرأ على علمائها.
(٨) يقصد الشارح بذلك كتابه مشكل الأثار وهو مطبوع ومتداول بين طلاب العلم.

<<  <   >  >>