(٢) قال القاضي عياض: أكثر الناس الكلام على هذه الأحاديث؛ فمن مجيد منصف، ومن مقصر متكلَّف، ومن مطيل مكثر، ومن مقتصر مختصر، قال: وأوسعهم في ذلك فقهاً أبو جعفر الطحّاوي ثم معه في ذلك أبو جعفر الطبري ثم أبو عبد الله بن أبي صفرة ثم المهلّب والقاضي أبو عبد الله بن المرابط والقاضي أبو الحسن بن القصار، والحافظ أبو عمر بن عبد البر وغيرهم. قال القاضي: وأولى ما يقال في هذا ما لخصناه من كلامهم واخترناه من اختياراتهم مما هو أجمع للروايات وأشبه بمساق الأحاديث أن النبي - صلى الله عليه وسلم -، أباح للناس فعل هذه الأنواع الثلاثة ليدل على جواز جميعها؛ إذ لو أمر بواحد لكان يظن أن غيره لا يجزي فأضيف الجميع إليه وأخبر كل واحد بما أمر به وأباحه ونسبه إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ إما لأمره به وإما لتأويله عليه، وإما إحرامه، - صلى الله عليه وسلم -، بنفسه فأحرم بالأفضل مفرداً بالحج، وبه تظاهرت الروايات الصحيحة، وأما الرواية بأنه كان متمتعاً فمعناها أمر به. وأما الرواية بأنه كان قارناً فإخبار عن حالته الثانية لا عن ابتداء إحرامه، بل إخبار عن حاله حين أمر أصحابه بالتحلّل من حجهم وقلبه إلى عمرة لمخالفة الجاهلية إلا من كان معه هدي، فكان هو، - صلى الله عليه وسلم -، ومن معه هدي في أخر إحرامهم قارنين بمعنى أنهم أدخلوا العمرة على الحج، وفعلَ ذلك مواساة لأصحابه وتأنيساً لهم في فعلها في أشهر الحج لكونها كانت منكرة عندهم في أشهر الحج، ولم يمكنه التحلل معهم لسبب الهدي، وإعتذر إليهم بذلك في ترك مواساتهم، وصار رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قارناً في أخر أمره .. تنوير الحوالك ١/ ٣١٠ - ٣١١. (٣) انظر بداية المجتهد ١/ ٢٥٥، وشرح الزرقاني ٢/ ٢٥١. (٤) انظر شرح السنة ٧/ ٧٤ والمجموع ٧/ ١٥٢. (٥) انظر المغنى لابن قدامة ٣/ ٢٦٢ - ٢٦٤.