للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَحَالَةٍ وَمَكَانٍ. وأما قوله: رَجُل مُعْتَزُلٌ في غَنِيمَتِهِ، فالمراد به في وقت الفتنة (١) وإلا فالجماعة والجمعة وإفاضة العلم وإقامة الحدود وإظهار الشعائر هو معنى الدين. ولما كان هذا قليلاً في الخلق في الأزمنة خرج كلام النبي، - صلى الله عليه وسلم - على الغالب. حديث (بَايَعنَا رَسُولَ الله، - صلى الله عليه وسلم - عَلَى السَّمْعِ وَالطاعَةِ" (٢) إلى آخره. يعني بالسمع: القبول، وبالطاعة: الانقياد في الطاعة، والعسر: الفقر والمشقَّة، واليسر: الغناء والسعة. (وَشَرُّ النَّاسِ رَجُلٌ بَايَعَ إِمَاماً لَا يُبَايِعهُ إِلا لِلدُّنْيَا فَإِنْ أعْطَاهُ مِنْهَا رَضِيَ) (٣) الحديث. وأما قوله المنشط والمكره: فيعني به الخروج معه في منافع الإِسلام كان الدعاء في حال نشاط أو في حال كسل. وأما قوله: وألا ننازع الأمر أهله. فيعني بقوله أهله: من ملكه لا من يستحقه فإن الأمر فيمن يملكه أكثر منه فيمن يستحقه، والطاعة واجبة في الجميع لأمر النبي، - صلى الله عليه وسلم -، بذلك لكل أمير ولو كان عبداً حبشياً (٤) لما في ذلك من مصلحة الخلق فإن الخروج على من لا يستحق الأمر إباحة للدماء وإذهاب الأمن وإفساد ذات البين، فالصبر على ضرره أولى من التعرض لهذا الفساد كله. لما خرج ابن الأشعث (٥) على الحجّاج (٦) حين ظهر ظلمه وشاع


(١) هكذا نقل الزرقاني أنه قول الجمهور. شرح الزرقاني للموطأ ٣/ ٨.
(٢) متفق عليه. البخاري في كتاب الأحكام باب كيف يبايع الإِمام الناس ٩/ ٩٦، ومسلم في كتاب الإمارة باب وجوب طاعة الأمراء في غير معصية وتحريمها في المعصية ٣/ ١٤٧٠، والموطأ ٢/ ٤٤٥ كلهم عن عبادة ابن الصامت.
(٣) متفق عليه. البخاري في الأحكام باب من بايع رجلاً لا يبايعه إلا للدنيا ٩/ ٩٨ - ٩٩، ومسلم في كتاب الإيمان باب بيان غلظ تحريم إسبال الإزار والمن بالمعطية وتنفيق السلعة بالحلف وبيان الثلاثة الذين لا يكلمهم الله ١/ ١٠٣، والنسائي ٧/ ٢٤٦كلهم عن أبي هريرة.
(٤) ورد عند البخاري من حديث أبي التياح عن أنس عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "أسْمَعُوا وَأطِيعُوا وإن اسْتعْمِلَ حَبَشِىٌ كَأنَّ رَأسَة زَبِيبَةٌ" البخاري في كتاب الأذان باب إمامة العبد والمولى ١/ ١٧٨، ورواه في الأحكام من رواية شعبة عن أبي التياح عن أنس وقال فيه: وإن استعمل عليكم عبد حبشي ... ٩/ ٧٨، ومسلم في الإمارة باب وجوب طاعة الأمراء في غير معصية .. من حديث أبي ذر قال: إنَّ خَلِيلِي أوْصَاني أن أسْمَعَ وَأطِيعَ وَإنْ كَانَ عَبْداً مجَدَّع الْأطْرَافِ، مسلم ٣/ ١٤٦٧، وابن ماجه ٢/ ٩٥٥.
(٥) هو عبد الرحمن بن الأشعث بن قيس الكندي أمير من القادة الشجعان، وهو صاحب الوقائع مع الحجَّاج، وقد لجأ، بعد معركة دير الجماجم مع الحجَّاج وفشله فيها، إلى رتبيل فحماه مدة ثم قتله وبعث برأسه إلى الحجَّاج فأرسله الحجَّاج إلى عبد الملك بالشام وكان ذلك سنة ٨٥ هـ. الأعلام ٤/ ٩٨، تاريخ الطبري ٨/ ٣٩.
(٦) الحجَّاج بن يوسف بن عقيل الثقفي، الأمير المشهور الظالم، وقع ذكره في الصحيحين وغيرهما وليس بأهل أن يروى عنه. ولي إمارة العراق عشرين سنة، ومات سنة خمس وتسعين. ت ١/ ١٥٤ ت ت ٢/ ٢١٠، وابن خلكان ٢/ ٢٩.

<<  <   >  >>