للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثَبَجَ (١) هذَا الْبَحْرِ الأخْضَرِ غُزاةً في سَبِيلِ الله" (٢)، وهذا يدل على طلب تحقيق الموعد من وراء البحار، وقد علم - صلى الله عليه وسلم - بلوغ الدين هنالك. ولذلك قال في الحديث الصحيح: "اعْمَلْ مِنْ ورَاءِ الْبِحَارِ فَإِنَّ الله لَنْ يَتْرُكَ مِنْ عَمَلِكِ شَيْئاً" (٣). وقال - صلى الله عليه وسلم - في الحديث الصحيح: "لَا هِجْرَةً بَعْدَ الْفَتْحِ وَلَكِنْ جِهَادٌ وَنيَّة" (٤) فلئن كانت الهجرة قد ذهبت فإن الجهاد باقٍ خلفاً عنها، على أن الداودي قد روى عن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، أنه قال: "لَا تَنْقَطِعُ الهجْرَةُ حَتَّى تَنْقَطِعَ التوبةُ وَلَا تَنْقَطِعُ التويةُ حَتَّى تَطْلُعَ الشمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا" (٥)، ومعنى هذا أن الهجرة كانت مستحبة في صدر الإِسلام ثم كانت واجبة إلى النبي، - صلى الله عليه وسلم -، لتتمكن الدوحة وتتسع الدار وتنتشر الملَّة، فلما فتح الله تعالى عليه مكة انقطع الوجوب وبقي الاستحباب إلا في موطنين؛ أما أحدهما: فهجرة المسلم من أرض الحرب إلى دار الإِسلام وهذا


(١) أي وسطه ومعظمه. النهاية ١/ ٢٠٦.
(٢) متفق عليه. البخاري في الجهاد باب الدعاء بالجهاد والشهادة للرجال والنساء ٤/ ١٩، ومسلم في الإمارة
باب فضل الغزوفي البحر ٣/ ١٥١٨، والموطأ ٢/ ٤٦٤ كلهم عن أنس بن مالك.
(٣) متفق عليه. البخاري في الزكاة باب زكاة الإبل ٢/ ١٤٥، ومسلم في الإمارة باب المبايعة بعد فتح مكة على الإِسلام والجهاد والخير وبيان معنى لا هجرة بعد الفتح ٣/ ١٤٨٨، وأبو داود ٣/ ٦، والنسائي ٧/ ١٤٣، وأحمد في المسند ٣/ ١٤ كلهم عن أبي سعيد الخدري.
(٤) متفق عليه البخاري في الجهاد باب وجوب النفير ٤/ ٢٨ ومسلم في الامارة باب المبايعة بعد فتح مكة على الإِسلام والجهاد والخير وبيان معنى لا هجرة بعد الفتح ٣/ ١٤٨٧ وشرح السنة ١٠/ ٣٧١ والدارمي ٢/ ٢٣٩ كلهم عن ابن عباس.
(٥) أبو داود ٣/ ٧ وأحمد في المسند ٤/ ٩٩ والدارمي ٢/ ٢٣٩ وذكره البغوي بصيغة روي عن معاوية عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: لا تنقطع الهجرة حتى تنقطع التوبة .. وقال وفي إسناده مقال. شرح السنة ١٠/ ٣٧١ وصدق البغوي فان الحديث فيه أبو هند البجلي شامي مقبول من الثالثة/ دس. ت ٢/ ٤٨٤ وقال في ت ت: قال عبد الحق: ليس بالمشهور وقال ابن القطان: مجهول ت ت ١٢/ ٢٦٨ أما باقي رجاله فثقات، وفي الباب ما يشهد له فقد أخرج أحمد في المسند ٤/ ١٦٧١ عن عبد الله بن السعدي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (لا تنقطع الهجرة مادام العدو يقاتل) فقال معاوية وعبد الرحمن بن عوف وعبد الله بن عمرو بن العاص إن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال إن الهجرة خصلتان إحداهما تهجر السيئات والأخرى تهاجر إلى الله ورسوله ولا تنقطع الهجرة ما تقبلت التوبة ولا تزال التوبة مقبولة حتى تطلع الشمس من المغرب فإذا طلعت طبع على كل قلب بما فيه. قال الشيخ أحمد شاكر عن إسناد هذا الحديث إنه صحيح. وأورده الهيثمي في مجمع الزوائد ٥/ ٢٥٠ وقال: روى أبو داود والنسائي بعض حديث معاوية ورواه أحمد والطبراني في الأوسط والصغير من غير ذكر.
حديث ابن السعدي والبزار من حديث عبد الرحمن بن عوف وابن السعدي فقط ورجال أحمد ثقات.
درجة الحديث حسن لغيره بهذه المتابعة والله أعلم.

<<  <   >  >>