للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

له سهيل: وأول ما أقاضيك على أبي جندل ولده، وقد جاء يوسف في قيده فقال له النبي، - صلى الله عليه وسلم -: نعم، فصاح أبو جندل: يا معشر المسلمين أُرَدُّ إلى الكفار يفتنوني عن ديني (١). قال علماؤنا: ورسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، كان أعرف وصدقوا، وفيه نكتة بديعة؛ وذلك أن رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، إنما رد إلى سهيل ولده فماذا يصنع الوالد بالولد، وأيضاً فإن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، قد كان أذن لهم بالتلفظ بالكفر، وهو الذي كانت الكفار تطلبه فيتلفظون به حتى يأتي الله بالفتح أو أمر من عنده .. وقد قال علماؤنا: إن دعوة الكفار شرط في القتال (٢)، وقد قال مالك، رضي الله عنه: يدعون مرة (٣)، وقال أخرى لا يدعون (٤). وقد قال آخرون من علمائنا: ذلك اختلاف حال لا اختلاف قول، والذي عندي أن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، قد فرغ من الدعوة وقد كتب إلى هرقل (٥) والنجاشي (٦)، وكتب إلى الأقيال (٧) والعباهلة (٨) وبيَّنَ الإِسلام بالحج (٩) عشر سنين. أما إنه بعث معاذاً إلى اليمن فقال: "ادْعُهُمْ إلَى شَهَادةِ أنْ


(١) البخاري في الغزوات باب غزوة الحديبية ٥/ ١٦١ - ١٦٢ من طريق عروة بن الزبير أنه سمع مروان بن الحكم والمسور بن مخرمة يخبران خبراً من خبر رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، في عمرة الحديبية .. وانظر سيرة ابن هشام ٢/ ٢٠٣، والسيرة لابن كثير ٣/ ٣١٩، وجوامع السيرة ص ٢٠٨، والروض الأنف ٦/ ٤٨٣.
(٢) قال ابن رشد: إن ذلك بالاتفاق. بداية المجتهد ١/ ٣٢٩، وقال ابن رشد الجد: في المقدمات تجب الدعوة قبل القتال ليبين لهم عَلامَ يقاتلون لا من أجل أن دعوة الإِسلام لم تبلغهم. مقدمات ابن رشد ١/ ٢٦٦.
(٣) المدونة ٢/ ٢ من رواية ابن القاسم، وانظر الكافي ١/ ٤٦٦.
(٤) قال ابن حبيب: قال مالك: إذا وجبت الدعوة فإنما يدعوا إلى الإِسلام جملة من غير ذكر الشرائع إلا أن يسألوا عنها فلتبين لهم وكذلك يدعون إلى الجزية مجملاً. الحطاب ٣/ ٣٥٠.
(٥) هرقل هو ملك الروم وكتابه: متفق عليه. البخاري في الجهاد باب هل يرشد المسلم أهل الكتاب أو يعلمهم الكتاب ٤/ ٥٣، وفي باب دعاء النبي، - صلى الله عليه وسلم -، إلى الإِسلام ٤/ ٥٤ - ٥٧، وفي تفسير سورة آل عمران ٦/ ٤٣، ومسلم في الجهاد باب كتاب النبي، - صلى الله عليه وسلم -، إلى هرقل يدعوه إلى الإِسلام ٣/ ١٣٩٣ كلاهما عن ابن عباس أن أبا سفيان أخبره ..
(٦) هو ملك الحبشة وقصته في الكتب الآتية من طريق ابن إسحاق. البداية والنهاية ٣/ ٨٣، الطبري ٢/ ٢٩٤، أسد الغابة ١/ ٦٢، زاد المعاد ٣/ ٦٠، الوثائق السياسية ص ٤٣، السيرة الحلبية ٣/ ٦٧، عيون الأثر ٢/ ٣٣٥، مكاتيب النبي، - صلى الله عليه وسلم -١/ ١٢١، وطبقات ابن سعد ١/ ٢٥٨.
(٧) قال ابن سعد: وكتب رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، إلى أقيال حضرموت وعظمائهم، طبقات ابن سعد ١/ ٢٨٣، ومكاتيب النبي، - صلى الله عليه وسلم -، قلت: وكلام ابن منظور، الآتي، يدل على أن الاقيال هم العباهلة.
(٨) قال الجوهري: وعباهلة اليمن ملوكهم الذي أُقِرِّوا على ملكهم لا يزالون عنه. صحاح الجوهري ٥/ ١٧٥٧، وقال ابن منظور: الأقيال العباهلة من أهل حضرموت. قال أبو عبيد: العباهلة هم الذين أقروا على ملكهم لا يزالون عنه. لسان العرب ١١/ ٤٢٢.
(٩) كذا بالنسخ ولعلها الحجج.

<<  <   >  >>