للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

القاضي (١)، وإنما كانت الحكمة من الله تعالى فيما وقع من الحرب بين الصحابة تعلَّم الناس منهم كيفية قتال المسلمين بأن لا يذفف (٢) على جريحهم ولا يتبع مدبرهم ولا تسبى نساؤهم ولا تغتنم لموالهم. فإن قيل فهيك أن عثمان قد رضي بالقتل فالحادثة لم تنزل به وحده، والمصيبة لم تخصه، بل كان الفساد على جميع المسلمين، فكيف ساعدته الصحابة على هذا الغرض ولم تقم بما كان يتعين عليها من هذا المفترض.

فالجواب: أنا أقول الطائفة المبطلة إنما جاءت تطلب شخص عثمان لا شيء سواه فاستسلم عثمان لأمر الله وقال للصحابة: لا يسلّ السيف في الإِسلام بسببي أبداً، ولا يتقاتل الناس فتراق دماؤهم في حياتي، فذلك الذي أوقف للصحابة لأنهم ما كانوا يصلون إلى حماية عثمان إلا بعد أن يقتل من الطائفتين، ربما قُتِل الحسن والحسين، فكره عثمان أن يكون فتح هذا الباب بسببه وفدى الحال والأمة بنفسه حتى تكون صحيفته مبيضة من دم أحد، فتحذار أن تُسَوَّد صحفكم من مخالفة هذا الاعتقاد الذي قدَّمناه والكلام بينهم بغير سداد (٣).

حديث: كَانَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - إذا بَعَثَ سرِيَّةً يَقُولُ لَهْمُ: (اغْدُوا بِسْمِ الله) (٤) الحديث. فقوله: تُقَاتِلُونَ مَنْ كَفَرَ بِالله دليل على أن العلة هي الكفر، وقوله: لَا تَغِلُّوا يعني لا تخونوا في الغنائم، فذلك خطب عظيم في الدين وكفر لنعمة المنة بإباحة الغنائم


= رحمه الله تعالى. والمشهور بهذه النسبة أبو القاسم عبد العزيز بن علي بن أحمد بن الفضل الأزجي توفي في المحرم سنة ٤٤٤ هـ، وقال الذهبي: الشيخ الإِمام المحدث المفيد أبو القاسم عبد العزيز بن علي بن أحمد بن الفضل ابن شكر البغدادي الأزجي، روى عن الدارقطني وعنه الخطيب. سير أعلام النبلاء ١٨/ ١٨ - ١٩. تاريخ بغداد ١٠/ ٤٦٨، وانظر الإنسان ١/ ١٨٠.
(١) هو محمَّد بن الحسين بن محمَّد بن خلف الفرَّاء البغدادي الحنبلي، أبو يعلى، محدث فقيه أصولي مفسَّر، ولد سنة ٣٨٠ - ٤٥٨ هـ. معجم المؤلفين ٦/ ٢٥٤، سير أعلام النبلاء ١٨/ ٨٩، طبقات الحنابلة ٢/ ١٩٣، تاريخ بغداد ٢/ ٢٥٦، المنتظم ٨/ ٢٤٣ - ٢٤٤، اللباب ٢/ ٤١٣ - ٤١٤.
(٢) الذف: الإجهاز على الجريح وكذلك الذفاف .. قال أبو عبيد: يروى بالذال والدال جميعاً .. وقد دففت على الجريح تذفيفاً إذا أسرعت قتله. صحاح الجوهري ٤/ ١٣٦٢.
(٣) انظر ما قرره الشارح في العواصم من القواصم ص ٥٨.
(٤) الموطّأ ٢/ ٤٤٨ عَنْ مالِكٍ أنهُ بَلَغَة أن عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ كَتَبَ إلَي عَامِل مِنْ عُمَّالِهِ أنهُ بَلَعَنَا أن رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم -، كَانَ إذَا بَعَثَ سرِيَّةً يَقُولُ لَهُمْ: اغْدُوا بِاسمِ الله .. وقد وصله مسلم في الجهاد والسير باب تأمير الأمير الأمراء على البعوث ٣/ ١٣٥٧، وأبو داود ٣/ ٨٥، والترمذي ٤/ ١٦٢، وابن ماجه ٢/ ٩٥٣، كلهم من طريق سفيان الثوري عن علقمه بن مرثد عن سليم بن بريدة عن أبيه.

<<  <   >  >>