للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثم اختلف المهاجرون والأنصار فيمن تكون الإمامة، فقصدهم في محلهم وتوسَّط مجتمعهم وخطب خطبته المعروفة عليهم فقال: (إِنَّ هذَا الأَمْرَ لَا يُصْلِحُ إلَّا لِقُرَيْشِ هُمْ أَصْلُ الْعَرَبِ وَأَهْلُ الله، وَقَدْ قَالَ الْنَّبِيُّ، - صلى الله عليه وسلم -: "الأَئِمَّةُ مِنْ قُرَيْشٍ" (١)، وَقَدْ سَمَّانَا الله الصَّادِقِينَ وَسَمَّاكُمُ الْمُفْلِحِينَ، وَقَدْ أَمَرَكُمْ أَنْ تَكُونُوا مَعَنَا حَيْثُ كُنَّا فَقَالَ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ} (٢)، وَقَدْ قَالَ حَتَّى في آخِرِ خُطْبَةٍ خَطَبَهَا: أُوصِيكُمْ بِالأَنْصَارِ خَيْراً وَلَوْ كَانَ لَكُمْ في الأَمْرِ شَيْءٌ مَا وَصَّى بِكُمْ (٣) وأما قوله: القتل حتف من الخوف فإن ذلك إشارة إلى أن الأجل بيد الله تعالى وأن خير مواقعه الشهادة التي يحتسب نفسه فيها الشهيد على الله تعالى.


= الحاكم قبله ما لم يخالف كتاباً أو سنة أو تأويلاً مجمعاً عليه منهما الكافي ٢/ ٩٥٩ - ٩٦٠، وانظر الأشراف على مسائل الخلاف ٢/ ٢٨٠.
(١) عَن حَمِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمنِ قَالَ: تُوُفِّيَ رَسُول الله، - صلى الله عليه وسلم -، وَأَبُو بَكْرٍ في طَائِفَةٍ مِنَ الْمَدِينَةِ قَالَ: فَجَاءَ فَكَشَفَ عَنْ وَجْهٍ فَقَبَّلَهُ وَقَالَ: فِدَاكَ أَبِي وَأُمَّي مَا أَطْيَبُكَ حَيّاً وَمَيْتاً، وَلَقَدْ عَلِمْتَ يَا سَعْدُ أَنَّ رَسُولَ الله، - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: "لَوْ سَلَكَتِ النَّاسُ وَادِياً سَلَكْتُ وَادِيَ الأَنْصَارِ، وَلَقَدْ عَلِمْت يَا سَعْدُ أَنَّ رَسُولَ الله، - صلى الله عليه وسلم -، قَالَ وَأَنْتَ قَاعِدٌ: قُرَيْشٌ وُلَاةُ هذَا الأَمْرِ فَبِرُّ النَّاسِ تُبّعٌ لِبِرَّهِمْ وَفَاجِرهُمْ تُبَّعٌ لِفَاجِرِهِمْ، قَالَ: فَقَالَ لَهُ سَعْدٌ: صَدَقْتَ نَحْنُ الْوُزَرَاءُ وَأَنْتُمْ الأُمَرَاءُ. رواه أحمد، وفي الصحيح طرف من أوله ورجاله ثقات إلا أنَّ حميد بن عبد الرحمن لم يدرك أبا بكر .. مجمع الزوائد ٥/ ١٩١، وأشار إلى ذلك الحافظ في الفتح ٣/ ١١٤ فقال رجاله رجال الصحيح لكن في سنده انقطاع.
وقال: حديث الأئمة من قريش جمعت طرقه عن نحو أربعين صحابياً لما بلغني أن بعض فضلاء العصر ذكر أنه لم يرو إلا عن أبي بكر الصدّيق، فتح الباري ٧/ ٢٢، وكذا قال الكتاني في نظم المتناثر ص ١٠٣، وحديث أبي بكر، وإن كان منقطعا، فقد ورد متصلاً عند الشيخين من حديث ابن عمر بلفظ: لاَ يَزَالُ هذَا الأمْرُ في قُرَيشٍ مَا بَقِيَ مِنْهُمُ اثْنَانِ .. البخاري في المناقب باب مناقب قَريش ٦/ ٣٨٩، ومسلم في كتاب الإمارة باب الناس تبع لقريش والخلافة في قريش ٣/ ١٤٥١، وعن أبي هريرة أن النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، قال: النَّاسُ تُبّعٌ لِقُرَيشٍ .. في هذَا الشَّأْنِ مُسْلِمُهُمْ تُبّعٌ لِمُسْلمِهِمْ وَكَافِرهُمْ تُبّعٌ لكَافِرِهِمْ ... البخاري في المناقب باب قول الله تعالى {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى} ٦/ ٣٨٥، ومسلم في فضائل الصحابة باب خيار الناس ٤/ ١٩٥٨، وعدّه الكتانى متواتراً ونقل ذلك عن السيوطي وابن حجر والسخاوي نظم المتناثر ص ١٠٣، وانظر الفتح الرباني ٢٣/ ٦١ - ٦٢، وذكر ابن قتيبة في عيون الأخبار خطبة أبي بكر هذه ٢/ ٢٣٣ - ٢٣٤، وابن عبد ربه في العقد الفريد ٤/ ٢٥٨.
(٢) سورة التوبة آية ١١٩.
(٣) ورد ذلك في حديث ابن عباس عند البخاري في المناقب باب علامات النبوة في الإِسلام ٤/ ٢٤٨، وشرح =

<<  <   >  >>