للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال، - صلى الله عليه وسلم -: "إِنَّمَا نَهَيْتُكُمْ مِنْ أَجْلِ الدَّافَّةِ الَّتِي دَفَّتْ عَلَيْكُمْ فَكُلُوا وَتَصَدَّقُوا وَادَّخِرُوا (١)، وَنَهَيْتُكُمْ عَنِ الأنْتِبَاذِ فَانْتَبِذُوا وَكُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ، وَنَهَيْتُكُمْ عَنْ زِيَارَةِ الْقُبُورِ فَزُورُوهَا وَلاَ تَقُولُوا هُجْراً (٢) " وهذا أبيَن ما يكون من النسخ وأوضحه لاجتماع شروط النسخ الخمسة فيه (٣). واختلف علماؤنا في قوله: (وَتَصَدَّقُوا) هل هو واجب أو مستحب؟؟ فمنهم من قال: إنه واجب لأنه أمر بقربة، ومنهم من قال: إنه مستحب وهو الصحيح لأن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، كان نهاهم من أجل المحتاجين فلما زالت الحاجة زال الحكم، وهو الوجوب بالصدقة، وبقي الاستحباب في أهل التصدق على حاله (٤)، وقد روى الترمذي عن علي، رضي الله عنه، أنه قال: "أوْصَانِي رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -، أنْ أُضَحيَ عَنْهُ" (٥)، فعلى هذا يُستحب للرجل أن يضحي عن وليّه في وقت الأضحية، كما يستحب أن يحج عنه في وقت الحج، وأن يتصدَّق عنه في كل وقت؛ فإن منفعة فعل الحي عن الميت تصل إليه باتفاق من الأمة، وإن كان في تفصيل ذلك اختلاف، والصحيح عندي أنه يصل إليه كل عمل (٦)، وبالله التوفيق.


(١) مسلم من حديث عائشة تحت الترجمة السابقة ٣/ ١٥٦١، وأحمد أنظر الفتح الرباني ١٣/ ١٠١ - ١٠٢، والموطأ ٢/ ٤٨٤ - ٤٨٥.
(٢) أما قوله ونهيتكم عن الانتباذ إلى آخره فهذا من حديث أبي سعيد الخدري .. الموطأ ٢/ ٤٨٥، والبخاري في كتاب المغازي باب حدثني خليفة ٥/ ٦٨ - ٦٩ وفي الأضاحي باب ما يؤكل من لحوم الأضاحي ويتزوَّد منها ٧/ ٨٩ , والنسائي ٧/ ٢٣٣ - ٢٣٤.
(٣) أنظر الاعتبار في الناسخ والمنسوخ من الآثار ص ١٥٥ - ١٥٨.
(٤) قال الباجي: أما قوله: (فَتَصَدَّقُوا) فعلى الاستحباب دون الوجوب، قاله القاضي أبو محمَّد لأنه لا خلاف اليوم بين الفقهاء في ذلك. المنتقى ٣/ ٩٤.
(٥) الترمذي ٤/ ٨٤ وقال: غريب لا نعرفه إلا من حديث شريك، وأبو داود ٣/ ٢٢٨، وأحمد في المسند. انظر الفتح الرباني ١٣/ ١١٠، ورواه عبد الله في زوائده على أبيه. الفتح الرباني ١٣/ ١٠٩ وكلهم من طريق شريك عن أبي الحسناء عن الحكم عن علي، وأبو الحسناء مجهول. قال الترمذي: قال محمَّد (يعني البخاري) قال علي بن المديني: وقد رواه غير شريك قلت له أبو الحسناء ما اسمه فلم يعرفه، قال مسلم اسمه الحسن. الترمذي ٤/ ٨٥، وقال الحافظ قيل اسمه الحسن وقيل الحسين مجهول ت ٢/ ٤١٢، وانظر ت ت ١٢/ ٧٤ - ٧٥، وقال الدولابي في الكنى, حدثنا العباس بن محمَّد عن يحيى ابن معين قال أبو الحسناء روى عن شريك والحسن بن صالح، كوفي الكنى ص ١٥١، وقال الهيثمي أبو الحسناء لا يُعرف، روى عنه شريك، مجمع الزوائد ٤/ ٢٣ وقال الشارح في العارضة ٦/ ٢٩٠ مجهول.
درجة الحديث: ضعيف.
(٦) قال الترمذي: رخَّص بعض أهل العلم أن يُضحّى عن الميت ولم يرَ بعضهم أن يُضحى عنه، وقال عبد الله بن المبارك: أحب إليّ أن يُتَصَدَّقَ عنه ولا يُضحى عنه، وإن ضحى فلا يأكل منها شيئاً ويُتصدق بها =

<<  <   >  >>