للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

النبي - صلى الله عليه وسلم -. فردد الله تعالى الصداق بين النحلة المبتدأة التي لا يقابلها عوض؛ وإنما وجبت على الزوج بفضلية القوامة وبمنزلة الذكورية وبين الأجرة والعوضية وفي هذا رد على من أنكر من الفقهاء تعارض الأدلة، وتردد الفرع بين الأصلين وحكمه إذا تردد بينهما أن يوفر على كل واحد شبهه ويركب عليه حكمه وهو أصعب مسائل النظر، ولذلك قال مالك، رحمه الله تعالى، تارة: النكاح أشبه شيء بالبيوع (١)، وتارة جرَّده عنها وخزل حكمه منها. وكذلك اختلف قوله في الصداق الفاسد على ثلالة أقوال:

أحدها: إنه يمضي بنفس العقد.

والثاني: إنه لا يفسخ قبل الدخول (٢).

والثالث: إنه يفسخ قبل وبعد (٣).

واختلف الناس في تأويلات هذه الأقوال؛ فمنهم من جعلها مطلقة، ومنهم من قال: إنها مبنية على قوة الفساد وضعفه، وتفصيل ذلك مستوفى في المسائل. واختلف العلماء، رحمة الله عليهم، بعد الاتفاق على وجوبه وفي تقديره؛ فمنهم من نفى التقدير وجوَّزه بكل قليل وكثير، وهو (ش) (٤) وروى في ذلك أحاديث ليس لها أصل من جملتها (الصَّدَاقُ مَا تَرَاضَى عَلَيْهِ الأهْلُونَ) (٥). ومنهم من قدَّره. واختلفوا في التقدير فقال أهل


(١) المونة ٢/ ٢٠٠ ونقله الشارح في الأحكام ١/ ٣٨٩.
(٢) قال ابن عبد البر: اختلف قول مالك بينهما فقال مرة: ينفسخ نكاحه ويكون للمرأة بمسيسها صداق مثلها، وقال مرة أخرى: يثبت نكاحه بصداق المثل وهو تحصيل المذهب. الكافي ٢/ ٥٥٣، وكذا قال ابن رشد في بداية المجتهد ٢/ ٢٧.
(٣) هذه الرواية نقلها الباجي في المنتقى ٣/ ٢٧٥.
(٤) انظر الروضة للنووي ٧/ ٢٤٩، وشرح الحسنة ٩/ ١١٩.
(٥) الدارقطني في سننه من طريقه محمد بْنِ عبدِ الرحْمنِ الْبيلَمَانِي عَنْ أبيهِ ابن عَبَّاس قَالَ: قَال: قال رَسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -، أنكحُوا الأيَامَى ثَلَاثاً قِيل مَا الْعَلائقُ بينَهمْ يَا رسولَ الله؟ قَالَ: مَا تراضى عَليه الأهْلونَ وَلو قَضِيباً مِنْ أراكٍ، الدارقطني ٣/ ٢٤٤، والبيهقي في السنن الكبرى ٧/ ٢٣٩ من طريق عبد الرحمن البيلماني عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وقال: هنا منقطع. ومن طريق أخرى عن عبد الرحمن عن أبيه عن ابن عمر، وقال: محمَّد بن عبد الرحمن ابن البيلماني ضعيف، وعزاه الزيلعي لأبي داود في المراسيل عن عبد الرحمن ابن البيلماني عن النبي، - صلى الله عليه وسلم - نحوه وقال: قل ابن القطان: ومع إرساله فيه عبد الرحمن أبو محمَّد لم تثبت عدلته وهو ظاهر الضعف .. فصب الراية ٣/ ٢٠٠.
أقول: محمد بن عبد الرحمن بن البيلماني، بفتح الموحدة واللام بينهما تحتانية، ضعيف، وقد اتَّهمه ابن عدي وابن حبان من السابعه/ دق. ت ٢/ ١٨٢، وقال في ت ت: قال البخاوي وأبو حاتم=

<<  <   >  >>