للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كتابيين، وقد يكون أحدهما وثنياً والآخر كتابياً، وقد يكون ذلك من إسلام أو رِدَّة بإجماع منهما فيهما، أو فرقة قبل الدخول أو بعده، وموضع هذا البسط إنما هي كتب المسائل. وعوَّل مالك، رضي الله عنه، في الموطأ على صورة واحدة من هذه الصور وهي إسلام الزوجة قبل الزوج، وساق في ذلك الأحاديث الواردة في شأن صفوان (١) وعكرمة (٢)، وهي وإن كانت مراسيل عن ابن شهاب قد أُسندت عن غيره وقد اشتهرت شهرة تقوم مقام الإسناد، ومرسل الثقة الشهور كالمسند الصحيح، وإذا ثبت لك هذا بإسلام الزوجة قبل الزوج فركِّب عليه سائر الفروع في التفصيل بحسب ما يعطيك الدليل على ما ركَّب عليه مالك، رضي الله عنه، إسلام الزوج قبل زوجه فإنه يتوقف فإن أسلمت وإلا وقعت الفرقة بينهما لقوله تعالى: {وَلَاتُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ} (٣)، فلو غفل عنه حتى أسلم وهي في العدة لكان أولى بها، وكذلك يُفعل بالمشرك إذا حضر الوليمة الحديث فيها مشهور (٤) وهي سنَّة في النكاح قائمة وفائدتها الشهرة والإعلان والذكرى، وأقلها لذوي


(١) مَالِك عَنِ ابنِ شَهَابٍ أنهُ بَلَغَهُ أن نساءَكُنَّ، في عَهْدِ رَسُولِ الله، - صلى الله عليه وسلم -، يُسْلِمْنَ بِأرْضِهِن وَهُن غَيْر مُهَاجِرَات وأزْوَاجُهِن حِينَ أسْلَمْنَ كُفارٌ مِنْهِن بِنْتُ الْوَليدِ بْنِ الْمُغِيرَةِ وَكَانَتْ تَحْتَ صَفْوَانِ بْنِ أُمَيةَ فَأسْلَمَتْ يَوْمَ الْفَتْح وَهَرَبَ زَوْجُهَا صَفْوَانُ بْنُ أمَيَّةَ مِنَ الْإسْلاَمِ فَبَعَثَ إلَيْهِ رَسُولُ الله، - صلى الله عليه وسلم -،ابنَ عَمِّهِ وَهْبَ بْنَ عُمَيْرٍ بِرِدَاءِ رَسُولُ الله، - صلى الله عليه وسلم - .. وَلَمْ يفَرِّقْ رَسُولُ الله، - صلى الله عليه وسلم -، بَيْنَهُ وَبَيْنَ امْرأتِهِ حَتى أسْلَمَ صَفْوَان وَاسْتَقَرَّتْ عِنْدَهُ امْرَاتهُ بِذَلِك النكَاحِ. الموطأ ٢/ ٥٤٣ - ٥٤٤، والبيهقي في السنن الكبرى ٧/ ١٨٦.
(٢) مَالِك عَنِ ابنِ شَهَاب أن أمَّ حَكِيم بِنْتَ الْحَارِثِ بْنِ هِشَام وَكَانَتْ تَحْتَ عِكْرِمَةَ بْنِ أبِي جَهْل فَأسْلَمَتْ يوم الْفَتْح وَهَرَبَ زَوْجُهَا عِكْرمَة بْن أبيِ جَهْل مِنَ الْإسْلاَمِ حَتى قدِمَ الْيَمَنَ فَارْتَحَلَت أُمُّ حَكِيم حَتى قَدِمَتْ عَلَيْهِ الْيَمَنَ فَدَعَتْهُ بلَى الْإسْلاَمِ فَأسْلَمَ وَقَدِمَ عَلَى رَسُولِ الله، - صلى الله عليه وسلم -، عَامَ الْفَتْحِ فَلَما رَآهُ رَسُول الله، - صلى الله عليه وسلم -، وَثَبَ إلَيْهِ فَرِحاً وَمَا عَلَيْهِ رِداءٌ حَتى بَايَعَهُ فَثبتَا عَلَى نِكَاحِهِمَا فَلِكَ. الموطأ٢/ ٥٤٥، والبيهقي في السنن الكبرى ٧/ ١٨٧، وكلا الحديثين إسنادهما واحد، والحديث منقطع فقد قال ابن عبد البر: لا أعلمه يتصل من وجه صحيح وهو حديث مشهور معلوم عند أهل السير، وابن شهاب إمام أهل السير، وشهرة هذا الحديث أقوى من إسناده بن شاء الله تعالى. تنوير الحوالك ٢/ ٧٥ قلت: لعله بذلك يغلب صحته كما ذهب باب ذلك الشارح.
(٣) سورة الممتحنة آية ١٠.
(٤) متفق عليه. البخاري في كتاب النكاح باب الصفرة للمتزوج ٧/ ٢٧، ومسلم في كتاب النكاح باب الصداق وكونه تعليم قرآن وخاتم حديد ٢/ ١٠٤٢، والموطأ ٢/ ٥٤٥ كلهم عن حديث أنسِ بْنِ مالك، رَضِيَ الله عَنْهُ، أن عَبْدَ الرحْمنِ بْنَ عَوْفٍ جَاءَ إلَى رَسُولِ الله، - صلى الله عليه وسلم -، وِبهِ أثر ضُفْرَةٍ فَسَألَه رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -، فَأخْبَرَة أنهُ تَزَوَّجَ امْرأةً مِنَ الأنْصَارِ قَالَ: كَمْ سِقْتَ إلَيْهَا؟ قَالَ: وزْنَ نَوَاةٍ مِنْ ذهَبٍ، قَالَ رَسُول الله، - صلى الله عليه وسلم - أولمْ وَلَوْ بِشاةٍ .. لفظ البخاري.

<<  <   >  >>