للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد قال مالك: لو علمت أن عمر قال ذلك لقلت (١) به، فإن قيل: فكيف قال ذلك مالك وهو يرويه (٢)؟ قلنا: رواه مقطوعاً فأعجبه مقطعه ولم يروه مسنداً فلزمه حكمه، وهذا هو الصحيح. ومن علمائنا من قال: إنما توقَّف مالك فيه لأنه لم يعلم هل كان ذلك قبل الدخول أو بعده (٣)؟ فلم ير مالك إجزاء التَّنوية في المدخول بها وجوَّزها في التي لم يدخل بها لأن الواحدة تبينها، وقد قال جماعة من العلماء: إنه ينوي في كل حال (٤)، وهو الصحيحح, لأن حبلك على غاربك لا يكون أظهر من قوله طلقتك، فإن حلَّ العِقال في الذهاب كوضع الحبل على الغارب فيه وكالإبانة فيما يقطع، وكالتخلية فيما يترك، وكالتبرية فيما يسقط، وهي كلها ألفاظ إن لم تكن مثل الطلاق فلا تكون فوقه، ولو قال رجل لامرأته طلقتك لنوى كذلك إذا قال خلَّيتك، وكذلك البتة القطع، وقد اختلف الصحابة فيها، وغلَّب مالك قضاء علي بالكوفة بأنها ثلاث (٥) على قضاء عمر بالمدينة بأنها واحدة. أما النسائي فقد روى حديثاً فيمن قال لأمرأته أمرك بيدك أنه ثلاث (٦)، ولكنه حديث منكر،


(١) قال الباجي: رواه أشهب عن مالك في العتيبة. المنتقى ٤/ ٨.
(٢) هنا حصل تداخل في الأصل من الناسخ؛ أدخل في هذا قسماً من باب الإيلاء.
(٣) قال الباجي: قال بعض أصحابنا العراقيين يحتمل ما جاء عن عمر، رضي الله عنه، في التي لم يدخل بها، ولم يذكر في الحديث بني بها أو لم يبنِ، فهو محتمل وهذا يقتضي أنه حمل قول عمر، رضي الله عنه، في الفرقة على أنها واحدة، وهو قول مالك، المنتقى ٤/ ٨.
(٤) هذا قريب من كلام الباجي في المنتقى٤/ ٨.
(٥) مَالِك أَنَّه بَلَغَهُ أَنَّ عَلِيُّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ كَانَ يَقُولُ في الرَّجُلِ يَقُولُ لِامْرَأتِه أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ إِنَّهَا ثَلَاثُ تَطْلِيقَاتٍ قَالَ مَالِكَ: وَذلِكَ أَحْسَنُ مَا سَمِعْتُ في ذلِكَ. الموطأ ٢/ ٥٥٢.
والبيهقي من طريق جَعْفَرِ بْنِ عَوْنٍ: أَنَا إسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ عَنْ عَامِر قَالَ: كانَ عَلِيٌّ، رَضِيَ الله عَنْهُ (يَجْعَلُ الْخَلِيَّةَ وَالْبَرِيَّةَ وَالْحَرَامَ ثَلَاثاً). السنن الكبرى ٧/ ٣٤٤، وَرَوَاهُ ابْنُ وَهَب عَن أَنَس بْنِ عيَاضٍ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ بْنِ عَلَيٍّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلَيٍّ ابْنِ أَبِي طَالِبٍ أنه كَانَ يَقُولُ: في الْحَرَامِ ثَلَاثُ تَطْلِيقَاتٍ. المدونة ٢/ ٢٨٢.
درجة الحديث: حسن في رواية البيهقي وكذلك رواية المدونة، ويؤيده ما رواه مالك بسند صحيح عن ابن عمر. الموطأ ٢/ ٥٥٢، قال الحافظ: ورد عن علي وزيد بن ثابت وابن عمر والحكم وابن أبي ليلى في الحرام ثلاث تطليقات، ولا يسأل عن نيته، وبه قال مالك ومسروق والشعبي وقال ربيعة لا شيء فيه، وبه قال أصبغ من المالكية، وفي المسألة اختلاف كثير عن السلف بلغها القرطبي المفسّر إلى ثمانية عشر قولًا وزاد عليها .. فتح الباري ٩/ ٣٧٢.
(٦) النسائي ٦/ ١٤٧ من طريق حَمّادِ بْنِ زَيْدٍ قَالَ: قُلْتُ لِأيُّوب: هَلْ عَلِمْتَ أَحَداً قَالَ في أَمْرِكَ بِيَدِكَ إنَّهَا ثَلاَثٌ غَيْرَ الْحَسَنِ؟ فَقَالَ: لاَ، ثُمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ غُفْراً، إلَّا مَا حَدَّثنَي قَتَادَةُ عَنْ كَثيِّرٍ مَوْلَى بْنِ سَمُرَةَ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ =

<<  <   >  >>