للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فإن قيل فما العود؟ قلنا: اختلف العلماء في ذلك على خمسة (١) أقوال لأصحابنا منها ثلاثة أقواها التمسك بالزوجية (٢). فإن قيل: وأين هذا حتى يعود إليه؟ قلنا: في قوله تعالى {مِنْ نِسَائِهِمْ}، فإنه قال: (زوجي علىّ كظهر أمي) (٣) فذهبت عنه ثم أراد أن يعود إلى الزوجية التي تلفَّظ بها، أليس هذا أهدى سبيلاً وأقوم قيلاً ممن يزعم أنه العود إلى الزور الذي تلفَّظ به؟ وهل رأى أحد ديناً أو فعلًا في الشريعة تتعلق به الكفَّارة إذا تكرر، وهذه جهالة عظيمة وبدعة شنيعة.


(١) قال في الأحكام: اختلف الناس فيه قديمًا وحديثاً .. ومحصول الأقوال سبعة: أحدها: إنه العزم على الوطء وهو مشهور قول العراقيين، الثاني: إنه العزم على الإمساك. الثالث: العزم عليهما، وهو قول مالك في موطئه. الرابع: إنه الوطء نفسه. الخاص: قال الشافعي: هو أن يمسكها زوجة بعد الظهار مع القدرة على الطلاق. السادس: ألا يستبيح وطأها إلا بكفارة. السابع: تكرير الظهار بلفظه ويسند إلى بكير بن الأشج. الأحكام ٤/ ١٧٤٣.
(٢) انظر المنتقى ٤/ ٤٩.
(٣) أبو داود ٢/ ٦٦٠ - ٦٦٢؛ والترمذي ٣/ ٥٠٢ وقال: حسن غريب وهو عنده مختصراً، وابن ماجه ١/ ٦٦٥، وأحمد انظر، فتح الرباني ١٧/ ٢٢، والبيهقي في السنن الكبرى ٧/ ٣٩٠ كلهم من طريق محَمدِ أبنِ إسْحَاق عَنْ مُحَمدِ بْنِ عَمْرُو بنِ عَطَاء عنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يسَارٍ عنْ سلَمَة بنِ صَخْرِ الأنصَارِيّ, رَضِيَ الله عنْه، كنْتَ امْرءاً قَدْ أوتيت مِنْ جِماعِ النِّسَاءِ مَا لَم يؤت غَيْري قَلَما دَخَلَ رَمَضَانُ ظَاهَرْت مِنَ امْرَأتي مَخَافَة أصِيبُ مِنْهَا شَيئاً في بَعْضِ الْليْلِ فَأَتَتَابع مِنْ ذلِكَ وَلَا أسْتَطِيع أنْ أنْزَعَ حَتى يُدَركَني الصْبْح فَبَيْنَمَا هيَ ذَاتَ لَيْلَة تخْدُمُنى إذِ انْكَشَفَ لى مِنْهَا شيْء فَوَثَبْتُ عَلَيْهَا فَلَمَّا أصْبَحْت عَدَوْتُ إلَى قَوْمي فَأخْبَرْتُهم خَبَرِي فَقلْت: انطَلِقوا مَعِي إلَى رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم -، فَقَالُوا: لَا وَاللِه لاَ نَذْهَبُ مَعَكَ، نَخَافُ أنْ يُنْزَلَ فِينَا قرْآن وَيَقُول فِينَا رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم -، مَقَالَةً يَبْقى عَلَيْنَا عَارُهَا فَاذهَبْ أنتَ فَاصْنَعْ مَا بَدَا لَكَ. فَأتيْتُ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم -، فَأخْبَرْتُة خَبَرِي .. إلى أن قال: أعتِقْ رَقبَة فَضرَبتُ صَفْحَةَ عُنْقِ رقْبَتِي بِيدِي فَقُلْتُ: وَالذي بَعَثَكَ بِالْحَق مَا أصْبَحْت أملِك غيْرَهَا.
ورواه الحاكم من طريق أبي سلمة بن عبد الرحمن ومحمد بن عبد الرحمن بن ثوبان أن سليمان بن صخر الأنصاري، رضي الله عنه، جعل امرأته كظهر أمه، ثم ذكر الحديث بنحو منه وقال: صحيح على شرط الشيخين، وكذا قال الذهبي المستدرك ٢/ ٢٠٤، ومثله البيهقى من نفس الطريق ٧/ ٣٩٠.
درجة الحديث: قال الحافظ أعلَّه عبد الحق بالانقطاع وأن سليمان لم يدرك سلمة، وقال: قلت حكى ذلك الترمذي عن البخاري تلخيص الحبير ٣/ ٢٤٩، وقال في الفتح: أسانيد هذه الأحاديث حِسان. فتح الباري ٩/ ٤٣٣، وقال الشيخ البنا، بعد أن ساق رواية الإِمام أحمد التي صرح فيها ابن إسحاق بالتحديث: وعلى هذا فالحديث صحيح. الفتح الربانى ١٧/ ٢٢، ويقول الشيخ ناصر، وبالجملة فالحديث بطرقه وشواهده صحيح. إرواء الغليل ٧/ ١٧٩.
والراجح عندي أنه حسن كما قال الترمذي وابن حجر، والله أعلم.

<<  <   >  >>