للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

شيء على الطعام الذي ورد فيه الحديث بقياس أنه مبيع لم يقبض فلم يجز بيعه كالطعام وهذا معنى قول ابن عباس وأحسب كل شيء مثله، وهذا فاسد لأنا قد بينّا أنه شرع محض وتعبد صرف لا يفهم المعنى منه ولا تعقل علته وإنما يكون الالحاق عند فهم العلة وعقل المعنى فيركب عليه مثله (١).

الثاني: قال أبو حنيفة هذا عام في كل شيء إلّا في العقار (٢) لأن العقار ليس فيه قبض إذ لا ينقل ولا يحول ولذلك أحال أيضًا غصبه فقال إن العقار لا يضمن بالغصب لأنه لا ينقل ولا يحول. وقد بينا في مسائل الخلاف أن هذا تخيل فاسد فإنه لولا تصور القبض في الغصب ما صح أن يكون لأحد به اختصاص ولا له عليه يد فالمنقول قبضه إتيانه إليك والعقار قبضه مشيك إليه لكن القبض في كل شيء على قدر سعته.

الثالث: قال ابن الماجشون وجماعة معه: يحمل على الطعام كل مكيل لأنه في معناه ولفظه ويحمل عليه الموزون لأنه في معناه الخاص به، وليس هذا من باب القياس وإنما هو من باب كون الشيء في معنى الشيء الذي يعرف قبل التفطن لوجه النظر، وقيل في الحجة له إنه لما كان الطعام منه ما يكال ومنه ما يوزن وانقسمت الحال فيه حمل عليه ما كان مثله، وقد بينا أن ذلك شرعٌ غير معلل فلا يصح الإلحاق بما يغني عن الإعادة (٣).

الرابع: قول مالك إنه مخصوص بما ورد في الحديث دون إلحاق ولا تعليل. قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: (من ابتاع طعامًا فلا يبعه حتى يستوفيه)، فلذلك جوز بيعه في الهبة قبل قبضه.

وأما الشبهة فهي في ألسنة الفقهاء عبارة عن كل فعلٍ أشبه الحرام فلم يكن منه ولا بَعُد عنه ويسميها علماؤنا الذرائع (٤).


= الايلي وقال وقد روى يحيى بن بكير عن يحيى بن صالح الايلي غير ما ذكرت وكلها غير محفوظة.
وقال العقيلي روى عنه يحيى بن بكير مناكير - الضعفاء ٤/ ٤٠٩ وانظر الميزان ٤/ ٣٨٦ والحديث ضعيف كما قال الشارح.
(١) هذا مذهب ابن عباس والشافعي ومحمد بن الحسن. شرح السنة ٧/ ١٠٨ المجموع ٩/ ٢٧٠.
(٢) هذا المذهب حكاه البغوي وقال به أيضًا أبو يوسف شرح السنة ٨/ ١٠٧ - ١٠٨.
(٣) في ك وم إعادته.
(٤) الذريعة الوسيلة إلى الشيء ومعنى ذلك حسم مادة الفساد دفعًا له فمتى كان الفعل السالم من المفسدة وسيلة إلى المفسدة منعنا من ذلك الفعل وهو مذهب مالك شرح التنقيح للقرافي ص ٤٤٨.

<<  <   >  >>