للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

اتفقت الأمة على اعتبارها في الجملة ولأجلها وضع الله الحدود والزواجر في الأرض استصلاحًا للخلق حتى تعدى ذلك إلى البهائم فتضرب البهيمة استصلاحًا وإن لم تكلف سببًا إلى تحصيل قصد المكلف وأقرب من ذلك من غرضنا أن الطفل يضرب على التمرن على العبادات لا ضرب تكليفٍ ولكن ضرب تأنيس وتدريب حتى يأتيه التكليف على عادة فتخف عليه المشقة في العبادة (١).

ولقد انتهت الحالة بالشيخ المعظم أبي بكر الشاشي القفال إلى أن يطرد ذلك حتى في العبادات وصنف في ذلك كتابًا كبيرًا أسماه محاسن الشريعة. والدليل على صحة ما صار إليه مالك من انفراده في تعويله عليها واختصاصه بها دون سائر العلماء اتفاق أرباب الحل والعقد علي أن الجماعة يقتلون بالواحد قصاصًا استبقاء للباقين واستصلاحًا لحالهم وقد قل عمر نفرًا بواحد قتلوه غيلةً ولم يلتفت عمر إلى الغيلة وقال لو تمالأ عليه أهل صنعاء لقتلتهم (٢) فإن القلة يقتلون باغتيال حمارٍ فكيف باغتيال إنسانٍ فدل على أن المعتبر إنما كان بالتمالؤ الذى متشوق الاعداءِ ومظنة الحساد.

وكذلك اتفقوا على أن حرمان القاتل الميراث رعيًا للمصلحة وسدًا للذريعة (٣) وكذلك


(١) روى أبو داود في سننه من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين وأضربوهم عليها وهم أبناء عشر وفرقوا بينهم في المضاجع). مختصر المنذري مع تهذيب السنن ١/ ١٧٠ ورواه الحاكم في مستدركه ١/ ١٩٧ وأخرجه أحمد في المسند ٢/ ١٨٠ والحديث صحيح وقد مر معنا كثيرًا تصحيح الشارح لرواية عمرو بن شعيب ونقله أن البخاري وغيرها صحح هذه الرواية
(٢) هذا الأثر رواه مالك في الموطأ ٢/ ٨٧١ عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب أن عمر بن الخطاب قتل نفرًا خمسة أوسبعة برجل واحد قتلوه قتل غيلة وقال عمر "لو تمالأ عليه أهل صنعاء لقتلتهم جميعًا".
ورواه البخاري في الديات باب إذا أصاب قوم من رجل هل يعاقب، من حديث يحيى القطان عن عبيد الله بن عمر العمري عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما أن غلامًا قتل غيلة فقال عمر "لو اشترك فيها أهل صنعاء لقتلتهم .. " البخاري ٩/ ١٠ والبغوي في شرح السنة ١٠/ ١٨٢ قال الحافظ هذا الأثر موصول إلى عمر بأصح إسناد فتح الباري ١٢/ ٢٢٧.
(٣) روى مالك في الموطأ ٢/ ٨٦٧ عن يحيى بن سعيد عن عمرو بن شعيب في قصة طويلة وفيها أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال (ليس لقاتل شيء) ورواه الشافعي في الرسالة فقرة (٤٧٦) وهذه الرواية منقطعة لأن عمرو لم يدرك عمر ورواه أحمد في المسند رقم (٣٤٧) قطعة من حديث هشيم ويزيد عن يحيى بن سعيد عن عمرو بن شعيب قال عمر "لولا أني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: (ليس لقاتل شىء) لورثتك قال ودعا خال المقتول فأعطاه الإبل" وهذه الرواية منقطعة أيضًا ورواه ابن ماجه ٢/ ٨٨٤ وصحح رواية ابن ماجه الشيخ ناصر في صحيح ابن ماجه ٢/ ٩٨.

<<  <   >  >>