للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فقال من أسلف فليسلف في كيل معلوم ووزن معلوم إلى أجل معلوم (١).

واتفقت الأمة على جوازهما فأما سلف القرض فمعروف ومكارمة وله أبوابه وأما سلف السلم فمرابحة ومكايسة وشروطه عدا شروط البيع تسعة ستة في المسلم فيه وثلاثة في رأس مال السلم.

أما الستة التي في المسلم فيه فأن يكون في الذمة وأن يكون موصوفًا وأن يكون مقدرًا وأن يكون مؤجلًا وأن يكون الأجل معلومًا وأن يكون موجودًا عند محل الأجل.

وأما الثلاثة التي في رأس (٢) مال السلم فأن يكون معلوم الجنس مقدرًا نقدًا.

أما الشرط الأول: وهو أن يكون في الذمة فلا إشكال في أن المقصود منه كونه في الذمة لأنه مداينة ولولا ذلك لم يشرع دينًا ولا قصد الناس إليه ربحًا ورفقًا وعلى ذلك اتفق الناس بيد أن مالكًا قال يجوز السلم في المعين بشرطين.

أحدهما: أن تكون قربة مأمونة.

والثاني: أن يشرع في أخذه كاللبن من الشاة والرطب من النخل ولم يقل ذلك أحد سواه.

وهاتان المسألتان صحيحتان في الدليل لأن التعيين إنما امتنع في السلم مخافة المزابنة والغرر لئلا يتعذر عند المحل وإذا كان الموضع مأمونًا لا يتعذر وجود ما فيه في الغالب جاز ذلك لأنه (٣) لا يتفق ضمان العواقب على القطع في مسائل الفقه ولا بد من احتمال الغرر اليسير وذلك كثير في مسائل الفروع تعديدها في كتب المسائل.

وأما السلم في اللبن والرطب والشروع في أخذه فهي مسألة مدنية اجتمع عليها أهل المدينة وهي مبنية على قاعدة المصلحة لأن المرء يحتاج إلى أخذ اللبن والرطب مياومة (٤) ويشق أن يأخذ كل يوم ابتداء لأن النقد قد لا يحضره وأن السعر قد يختلف عليه وصاحب النخل واللبن يحتاج إلى النقد لأن الذي عنده عروض لا يتصرف له فلما اشتركا في الحاجة رخص لهما في هذه المعاملة قياسًا على العرايا وغيرها من أصول الجاجات والمصالح.


= سلفًا والثاني هو أن يعطي مالًا في سلعة إلى أجل معلم بزيادة في السعر الموجود عند السلف وذلك منفعة للمسلف ويقال له سلم دون الأول. النهاية ٢/ ٣٩٠ وانظر شرح السنة ٨/ ١٧٣.
(١) متفق عليه البخاري في كتاب السلم ٣/ ١١١ ومسلم في المساقاة (١٦٠٤).
(٢) في ك في رأس المال.
(٣) في خ وك إذ.
(٤) ياومه مياومة ويوامًا عامله بالأيام ترتيب القاموس ٤/ ٦٨٥.

<<  <   >  >>