للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأما الشرط الثانى: وهو أن يكون موصوفًا فلأن طريق العلم سببان أحدهما النظر وذلك لا يمكن فيما فى الذمة ويزيله الخبر وذلك يكون بالصفات فصفة الغائب تحصره علمًا وترفع الاشتراك حكمًا ولا بد من ذكر الصفات الأصلية الحاضرة كالسمراء من المحمولة في نوع البر والجيد من الرديء في غرض الانتفاع وفيه تفصيل طويل بيانه في مسائل الفروع وأغرب ما فيه ما قاله أصحابنا من أن حال البلد وما يجري فيه يكفي في ذكر النوع المسلم فيه فلا يحتاج إلى أن يذكر الجودة خاصة وما يتعلق بها وهي مسألة ضعيفة ولو جاز الاتكال على حال البلد في النوع لجاز في الجنس ولتعدى ذلك إلى رأس مال السلم في النقد وكان العقد ينعقد على المجهول ويؤول إلى المزابنة في آخر الحال وذلك ما لا يجوز.

وأما الشرط الثالث: وهو كونه مقدرًا فلا خلاف فيه بين الأمة وطريق العلم بالتقدير من ثلاثة أوجه الكيل والوزن والعدد وذلك ينبني على العرف في ذلك إما عرف الشرع وإما عرف الناس كما بيناه من أمس فاحفظوا ما سبق وقرر (١) فقد اضطرب علماؤنا فيه اضطرابًا ومثال اضطرابهم في السفرجل والرمان والجوز هل يسلم فيها كيلًا أو عددًا حتى انتهى الحال بابن القاسم أن يخالف فيها مالكًا وأبين ما في ذلك الجوز ولم يختلفوا في اللوز والصنوبر أنه مكيل وذلك عندي كله يرجع إلى عرف البلد في كل وقت فما انضبطت به الحال عند الناس فذلك الذي يعول عليه.

وزاد مالك مسأل غريبة خالف فيها جميع الفقهاء وبناها على قاعدتين:

إحداها العرف والأخرى المصلحة وهو جواز التجزيء في اللحم وجعل التجزيء فيه والحزر أحد طرق العلم الموصلة إليه ولعمري إن الحزر لطريق إلى العلم لكن فيما يختص به المرء دون ما يشاركه فيه غيره لجواز اختلافهما في الخمن (٢) المحزور فيؤدي إلى التزابن ولذلك لم يجز في كل شيء عنده وإنما جوزه ها هنا تخفيفًا للحال ومصلحة للناس وما كنت لأفعله.

وأما الشرط الرابع: وهو أن يكون مؤجلًا فيا لها مسألة ويا طال ما اضطرب الخلق فيها ولكن ترجع إلى أصلين.

أحدهما أن السلم الحال هل يجوز أم لا؟ فقال الشافعي هو جائز (٣).


(١) في ج قرروه.
(٢) خمن الشيء وخمنه قال في بالحدس. ترتيب القاموس ٢/ ١١٢.
(٣) انظر شرح السنة ٨/ ١٧٦ الروضة ٤/ ٧.

<<  <   >  >>