للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

واضطربت المالكية في تحديد الأجل حتى ردوه إلى يومه، حتى قال بعض علمائنا السلم الحال جائز والصحيح أنه لا بد من الأجل فيه لأن البيع على ضربين معجل وهو المعين ومؤجل فإن كان حالاً ولم يكن عند المسلم إليه فهو بيع ما ليس عندك فلا بد من الأجل حتى يخلص كل عقد بصفته وعلى شروطه وتنزل الأحكام الشرعية منازلها وتحريره عند علمائنا مدة تختلف الأسواق في مثلها.

وانفرد مالك عن جميع العلماء بمسالة في الأجل فقال يجوز أن يسلم إليه في بلد في طعام في بلد آخر (١) يسميه ولا يذكر الأجل وتكون مسافة ما بين البلدين أجلًا وهي مسألة ضعيفة لأنه أجل مجهول إذ يقول أخرج معي فاقبض فيقول نعم أو لا أو سأخرج غدًا فيرفعه إلى الحاكم كما قال علماؤنا فيخرج أو يتعذر فإذا اعتذر أمر بالتوكيل فيجد من يوكل أو لا يوكل وفي هذا من التغرير ما لا يخفى على أحد مما يعود بجهالة الأجل وقد اتفقت الأمة على أنه لو قال أسلمت إليك إلى شهر ونحوه لم يجز ومسألة مسافة البلد هي تلك بعينها.

وأما الشرط الخامس: وهو أن يكون الأجل معلومًا فلا خلاف فيه بين الأمة وإنما اختلفوا في تفاصيل العلم به فانفرد مالك دون فقهاء الأمصار بجواز البيع إلى الجذاذ والحصاد لأنه رآه معلومًا ورآه سائر الفقهاء مجهولًا إذ تختلف طرقه ويطول مداه وتطرأ الأعذار عليه ورأى مالك جوازه وقال إنه يقضي بمعظمه وكذلك رأى الأجل إلى العطاء [جائزاً وقال ح وش: لا يجوز إلى العطاء] (٢) والخلاف لا شك في العطاء والله أعلم، يؤول بينهم إلى عبارة وهي أن العطاء إن كان معلومًا فالتأجيل به جائز وإن اختل باختلاف الولاة فذلك لا يجوز.

وأما الشرط السادس: وهو أن يكون موجودًا عند المحل فلا خلاف فيه بين الأمة. فإن انقطع المبيع عند محل الأجل بأمر من الله تعالى انفسخ العقد عند كافة العلماء ولأصحابنا فيه اضطراب بيانه في كتب المسائل.

وزاد أبو حنيفة على سائر الفقهاء بأن قال إن من شرط السلم أن يكون المسلم فيه موجودًا من حين العقد (٣) إلى حين الأجل قال والعلة في ذلك أن من الجائز أن يموت المسلم إليه قبل حلول الأجل فإذا مات حل الأجل فيطلب المسلمُ فيه فلا يوجد فيكون ذلك


(١) يعطيه إياه كذا في ك وم.
(٢) زيادة من ج وم.
(٣) انظر اللباب في شرح الكتاب ٢/ ٤٢ وشرح فتح القدير ٥/ ٣٣١.

<<  <   >  >>