للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بالنبي الذي أخبر عنه حين قال: (كأني به وقد ضرب فسال دمه فجعل يمسحه وقال اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون) (١) فبهذا المقدار رأى نوح أنه قد قصر فيه بعدما سبق منه فهو يعده على نفسه لا نحن وإبراهيم - صلى الله عليه وسلم - قال: (إني كذبت ثلاث كذبات وكل كذبة منها تصلح أن تكون درجاً إلى الجنة).

قال النبي - صلى الله عليه وسلم - لأنه ما حل (٢) بها عن دين الله وهذا يدلك على جهالة المفسرين الذين قالوا في قوله {هذا ربي} (٣) إنه غلط في الكوكب في قوله {هذا ربي} وظنه الله (٤) وكذلك موسى قتل بالغضب في الله نفساً لم يؤمر بقتلها (٥) فإنما كان الوهم في عدم انتظار الأمر خاصة وقتله بالنظر وأما يوسف - صلى الله عليه وسلم - فهمّ (٦) بها فكان فعل قلب لا فعل جارحة فالباري يخبر أن يوسف فعل بقلبه والناس كلهم يقولون فعل بجوارحه والهم غير مؤاخذ به (٧) وأما داود - صلى الله عليه وسلم - فقد داد (٨) فيه دين الخلق وانبثت أقوالهم حتى ملأت الخلق (٩) دفراً والله إنما أخبر عنه بكلمة واحدة وهي قوله {اكفلنيها} (١٠) فقال {لقد ظلمك بسؤال نعجتك إلي نعاجة} (١١)،


(١) رواه مسلم من طريق الأعمش عن شقيق عن عبد الله قال كأني أنظر إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يحكى نبياً من الأنبياء ضربه قومه وهو يمسح الدم عن وجهه ويقول رب اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون مسلم (١٧٩٢).
(٢) كذا في جميع النسخ حل.
(٣) سورة الأنعام آية ٧٦.
(٤) ذكر الرازي عده أقوال وأجاب عنها ثم قال والأصح من هذه الأقوال أن ذلك على وجه الاعتبار والاستدلال لا على وجه الأخبار ولذلك فإن الله تعالى لم يذم إبراهيم عليه السلام على ذلك بل ذكره بالمدح والتعظيم وأنه أراه ذلك كي يكون من الموقنين، هذا هو البحث الشهور في الآية. عصمة الأنبياء ص ٣٥، وانظر مختصر ابن كثير ١/ ٥٩٢.
(٥) يقول تعالى: {قال رب إني قتلت منهم نفسا فأخاف أن يقتلون} القصص آية ٣٣.
(٦) يقول تعالى: {ولقد همت به وهم بها لولا أن رأي برهان ربه كذالك لنصرف عنه السوء والفحشاء إنه من عبادنا المخلصين} سورة يوسف آية ٢٤.
(٧) قال ابن كثير اختلفت أقوال الناس وعباراتهم في هذا المقام فقيل المراد بهمه بها خطرات حديث النفس حكاه البغوي عن بعض أهل التحقيق ... وقيل هم بضربها وقيل تمناها زوجة وقيل هم بها لولا أن رأى برهان ربه فلم يهم بها. مختصر تفسير ابن كثير ٢/ ٢٤٦، وانظر عصمة الأنبياء للرازي ص ٥٣.
(٨) كذا في جميع النسخ داد.
(٩) الدفر بالتحريك التتن- ترتيب القاموس ١٥/ ١٩٢. والمراد أن دنهم دخله الدود أي الخلل يقال داد الطعام أي صار فيه الدود كما في القاموس.
(١٠) قال: {أكفلنيها وعزني في الخطاب} سورة ص آية ٢٣.
(١١) سورة ص آية ٢٤.

<<  <   >  >>