للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

..... وخصه لاتفاق أبي حنيفة معنا على قبول المرسل (١) وعلى قضاء عمر بن عبد العزيز (٢) الذي عهد به وخصوصاً إلى الكوفة التي كانت موضع (٣) فقيه وما أطنب مالك في مسألة إطنابه في هذه فلقد سلك فيها طريق الجدال وأكثر من الأسئلة والأجوية وأفاض في ضرب الأمثال والتفريق بين مثال ومثال وتحقيق الفرق بين الأصول والتوابع وأظهر له في ذلك علم عظيم من الأصول والأحكام به تفقهت جميع الطوائف.

فأما متعلق الخصم في أسقاط الشاهد واليمين فظاهر البداية قال الله تعالى {وأشهدوا ذوي عدل منكم} (٤) وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: (شاهداك أو يمينه) (٥) وهذا مما لا غبار عليه قرآناً وخبراً ونحن لا ننكر هذا ولكنا ندعي زيادة فعلينا الدليل وقبل أن نخوض فيه نجادل أبا حنيفة مجادلة حاقة (٦) فنقول إنك ذكرت وأصحابك إن الله ورسوله ذكرا الشاهد ولم يذكرا الشاهد واليمين فمثبتها مدع وزائد على الله ورسوله ما لم يقولا. قلنا له خفض عليك أبا حنيفة فقد جئت بأعظم من هذا فقلت إنه إذا ادعى زيد على عمرو حقاً فأنكره عمرو ولم تكن لزيد بينة فإن اليمين تجب على عمرو وتبقى الدعوى فإن حلف برأ وإن نكل قلت أنت يغرم المدعي بنكوله فجعلت النكول حجة فوجب القضاء على الشاهدين اللذين


= مرسل في الموطأ ووصله عن مالك جماعة فقالوا عن جابر منهم عثمان بن خالد العثماني وإسماعيل بن موسى الكوفي وأسنده عن جعفر عن أبيه عن جابر جماعة حفاظ، شرح الزرقاني ٣/ ٣٨٩، وأخرجه مسلم (١٧١٢) في الأقضية باب القضاء باليمين والشاهد وانظر نصب الراية ٤/ ٩٧.
(١) قال ابن الصلاح والاحتجاج بالمرسل مذهب مالك وأبي حنيفة وأصحابهما مقدمة ابن الصلاح ص ٤٩، وانظر تدريب الراوي ١/ ١٩٨.
(٢) مالك عن حميد بن عبد الرحمن المؤذن أنه كان يحضر عمر بن عبد العزيز وهو يقضي بين الناس ... الموطأ ٢/ ٧٢٥.
(٣) كذا في جمع النسخ ولعلها موضع فقيههم.
(٤) سورة الطلاق آية (٢).
(٥) رواه مسلم في كتاب الأيمان باب وعيد من اقتطع حق مسلم بيمين فاجرة بالنار ١/ ١٢٣، وأبو داود في الأقضية باب يحلف الرجل على علمه فيما غاب عنه انظر تهذيب السنن ٥/ ٢٣٥، والترمذي في الأحكام باب ما جاء أن البينة على المدعي واليمين على المدعى عليه ٣/ ٦٢٥، "عن علقمة بن وائل عن أبيه قال جاء رجل من حضرموت ورجل من كندة إلى النبى - صلى الله عليه وسلم - فقال الحضرمي يا رسول الله إن هذا قد غلبني على أرض لي كانت لأبي فقال الكندي: هي أرضي في يدي أزرعها ليس له فيها حق فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - للحضرمي: ألك بينة؟ قال: لا، قال: فلك يمينه قال: يا رسول الله إن الرجل فاجر لا يبالي ما حلف عليه وليس يتورع من شيء فقال ليس لك منه إلا ذلك ... " لفظ مسلم.
(٦) في خ جاحد.

<<  <   >  >>