للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فضل الله عَزَّ وَجَلَّ ما يدرك به ثواب عمله، وإلى هذا التوقيف وقعت الإشارة بحديث يروى (أَوَّلُ مَا ينظُرَ الله فِيهِ مِنْ عَمَلِ العَبْدِ يَوْمَ القِيَامَة الصَّلاَة (١)، فَإنْ جَاءَ بِهَا نَظَرَ في سَائِرِ عَمَلِهِ، وَإِنْ لَمْ يَأْتِ بِهَا لَمْ يَنْظُرْ في شَيْءٍ مِنْ عَمَلِهِ). فكما أنه في قسم المنهيات أيضاً أول ما يحكم فيه منها الدماء (٢)، فإن خلص منها نظر في سائر معاصيه وان لم يخلص منها فهذه تكفيه فيتوقف النظر في بقية المعاصي مدة ها هنا كما يتوقف النظر في بقية الطاعات مدة هناك.

الجواب الثاني: أن معنى حبط عمله عند الموازنة فإنه إذا وضعت الحسنات


(١) أبو داود من طريق أنس بن حكيم الضبي قال: خاف زياد، أو ابن زياد، فأتى المدينة فلقي أبا هُرَيْرَة قال فنسبني فانتسبت له، فقال: يا فتى ألا أحدثك حديثاً. قال قلت بلى، رحمك الله، قال يونس وأحسبه ذكر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إِنَّ أَوَّلَ مَا يُحَاسَبُ النَّاسُ بِهِ يَوْمَ القِيَامَةِ مِنْ أَعْمَالِهِمِ الصَّلاَةُ .. ". أبو داود ١/ ٥٤٠، وابن ماجه ١/ ٤٥٨، والحاكم وقال صحيح الإسناد، ولم يخرّجاه، وكذا قال الذهبي. ورواه أبو داود الطّيالِسي. حدثنا أبو الأشْهَب عن الحسن قال: قدم رجل المدينة فلقي أبا هُرَيْرَة فقال له أبو هريرة: كأنك لست من أهل البلد. قال. أجل. قال: أفلا أحدثك حديثاً سمعته من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ... قال أبو داود: وسمعت شيخنا في المسجد الحرام يحدِّث بهذا الحديث فقال الحسن، وهو في مجلس أبي هريرة لما حدث هذا الحديث: والله لهذا لأبن آدم خير من الدنيا وما فيها. مسند الطّيالسي ص ٣٢٣ وقال التِّرمذي روى عن أنس بن حَكِيم عن أبي هُرَيْرَة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، نحو هذا سنن الترمذي ٢/ ٢٧٢ وقال الحافظ: أنس بن حَكِيم الضبّي البصريِ روى عن أبي هريرة وعنه الحسن وابن جَدْعَان ذكره ابن المديني في المجهولين من مشايخ الحسن، والحديث الذي روياه له في الصلاة مضطرب. اختلف فيه على الحسن فقيل عنه هكذا، وقيل عنه عن حريث بن قبيصة، وقيل عن صعصعة عن الأحْنَف، وقيل عنه عن رجل من بني سليط وقيل عنه غير ذلك. وذكره ابن حبان في الثقات، وقال ابن القطان مجهول ت ت ١/ ٣٧٤. وانظر الكاشف ١/ ١٤٠.
وعلق الشيخ أحمد شاكر على رواية الترمِذي بقوله هذا حديث مرفوع وإن شك يونس في رفعه لأن مثله لا يقال بالرأي، ولأنه ورد مرفوعاً بالإسناد الذي عند الترمذي. وقال الحاكم، بعد روايته: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرِّجاه، ووافقه الذهبي ورواه أبو داود عقبه بإسناده من طريق حميد عن الحسن عن رجل من بني سليط عن أبي هريرة/ أبو داود ١/ ٥٤١/، فلعل الحسن سمعه من ناس متعددين حريث بن قبيصة وأنس بن حكيم ورجل من بني سليط، أو يكون الرجل المبهم أحدهما وليس هذا اضطراباً فيه يوجب ضعفه بل نهي طرق يؤيد بعضها بعضاً. سنن الترمذي ٢/ ٢٧٢.
وانظر كلامه، بأوسع من هذا، في تعليِقه على المسند حديث رقم (٧٨٨٩).
درجة الحديث: صححه الحاكم والذهبي وأحمد شاكر والشيخ ناصر في صحيح الجامع الصغير ٢/ ٣٥٢.
(٢) متفق عليه البخاري في الديات ٩/ ٣، ومسلم في القسامة باب المجازاة في الدماء٣/ ١٣٠٤، كلاهما عن أبي وَائِل عن عبد الله قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أولُ مَا يُقْضَى بَيْنَ الناسِ يَومَ القِيَامَةِ في الدِّمَاءِ".

<<  <   >  >>