للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الأعلى والأسفل غبن عظيم وقد بينا ذلك في كتب المسائل وشرح الحديث فلا نطول به ههنا وليطلب هنالك.

ومن فروع القسمة المحتمل فيها ترك المرافق من الأبنية والطرق وقد بوب على هذا مالك في الباب المتقدم قبل هذا (١) ولكنه ذكر بعض المرافق العامة وأغفل المرافق الخاصة كالجلوس في الصعدات وصب الأقذار في الطرقات فأما الجلوس (على الصعدات) (٢) فجائز بأداء حقها من غض البصر وإرشاد الضال ونصر المظلوم وما يعرض لمن تعرض ذلك (٣) من الحقوق وأما صب الأقذار في الطرقات فلا يجوز على الإطلاق لأن في ذلك إيذاء للمسلمين وإماطة الأذى عن الطريق صدقة وقد بينا ذلك في موضعه من المسائل إلا إذا كانت ضرورة عامة كخمر يتعين كسرها حتى تجري في السهل كما ورد (٤) في الحديث ومن القول في المرافق مسألة السفينة إذا غلب الهول عليها فاحتاجوا إلى التخفيف منها فاتفقت الأمة على وجوب التخفيف والارتفاق بما يطرح فيما يبقى واختلفوا بعد ذلك في تفاصيل منها دخول السفينة وآلاتها في الحصاص (٥) ورجالات المراكب والعبيد الراكبين عليها وانتهى النظر إلى نازلة عظيمة وهي إذا علم الأحرار من أهل السفينة أن بقاء جميعهم مهلك وأن خلوص بعضهم متيقن فنسب الخراسانيون الحنفيون والشافعيون إلى مالك أن هلاك بعض الأمة في الاستصلاح واجب وهو بريء من ذلك وإنما سمعوا من قوله اعتبار المصلحة فاعتبروها بزعمهم حتى بلغوا بها إلى هذا الحد وكان من حقهم لجلالة أقدارهم في العلم من سعة حفظهم ودقة فهمهم أن يتفطنوا لمقصده بالمصلحة وأن يجروها مجراها ويقفوا بها حيث انتهت وليس بين الأمة خلاف في هذه المسألة أنهم يصبرون لقضاء الله حتى ينفذ فيهم حكمه ويترتب على هذا مسائل مشكلة بيانها في أصول الفقه.


(١) قال مالك باب القضاء في المرفق ٢/ ٧٤٥.
(٢) زيادة من ك وم.
(٣) في ت وج لذلك.
(٤) ورد في مسند أحمد من طريق ابن لهيعة عن جعفر بن ربيعة عن عطاء عن جابر بن عبد الله قال: "لما كان يوم فتح مكة أهرق رسرل الله - صلى الله عليه وسلم - الخمر وكسر جراره ونهى عن بيعه وبيع الأصنام". المسند ٣/ ٣٤٠ وأورده الهيثمي في مجمع الزوائد ٥/ ٥٤ وعزاه لأحمد والطبراني في الأوسط وقال وفيه ابن لهيعة وحديثه حسن وبقية رجال أحمد ثقات.
(٥) تحاصوا وحاصوا اقتسموا حصصاً- ترتيب القاموس ١/ ٦٥٥.

<<  <   >  >>