للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بالنيات، وإنما يكفي من القول أدنى ما يقع به الفهم ولذلك قامت الإشارة مقام العبارة والكناية من القولِ مضافاً إلى النية في الدلالة على المراد أبلغ من الإشارة.

حديث: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: (من أعتق شقصاً له في عبدٍ وكان له مال يبلغ ثمن العبد قوّم عليه قيمة العبد فأعطى شركاءه حصصهم وعتق العبد وإلا فقد عتق منه ما عتق) (١).

قال علماؤنا قوله في العبد دليل على أن الأمة في معناه في الحكم المبين فيه قبل النظر إلى علة الحكم واعتبار النظير بالنظير وظنت طائفة من الجهلةِ أنَّ الأمة إنما تبين فيها هذا الحكم من قوله عبد والعبد لفظ يطلق على الذكر والأنثى وهذا وإن كان يعطيه الاشتقاق، فلا نسلم أنه يقتضيه الإطلاق (٢)، وقد اتفقت الأمة على أنه لو قال عَبيدي أحرار لما دخلَ فيه الجواري، وأما قوله وكان له مال بيان لأن المعتقين على ضربين، موسر ومعسر، فأما الموسر فقد بين حكمه وأما المعسر فقد اختلف فيه العلماء (٣)، فمنهم من قال يبقى نصيبُ شريكه رقيقًا وهم الأكثر ومنهم من قال يستسعَى العبد في قيمة سهم سيده المتمسك بالرق. قاله أبو حنيفة وغيره (٤)، وتعلقوا بالأثر والنظر أما النظر فهو الاعتبار بالكتابة، وهو مقطع ضعيف لأن الكتابة مخصوصة بحكمها، خارجة عن قواعد الشريعة بنفسها وقد بينا أنه لا يقاس على مخصوص ولا يقاس منصوص على منصوص حسب ما تقدم، وأما الأثر فروى أبو هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - الحديث بعينه إلى قوله: (عتق العبد) زاد بعده (وإن لم يكن له


(١) متفق عليه أخرجه البخاري في الشركة باب تقويم الأشياء بين الشركاء بقيمة عدل ٣/ ١٨٢ ومسلم في الإيمان باب من أعتق شركاً له في عبد رقم (١٥٠٢ و ١٥٠٣) والموطأ ٢/ ٧٧٢، وأبو داود (٣٩٤٠ و ٣٩٤١ و٣٩٤٢ و ٣٩٤٣ و ٣٩٤٤ و ٣٩٤٥ و ٣٩٤٦ و ٣٩٤٧)، والترمذي ١٣٤٦ و ١٣٤٧ في الأحكام والنسائي ٧/ ٣١٩ من حديث ابن عمر.
(٢) لعل الشيخ يقصد بذلك ابن حزم قال الحافظ في الفتح ٥/ ١٥١ قال إسحاق بن راهويه إن الحكم مختص بالذكور وهو خطأ وادعى ابن حزم أن لفظ العبد في اللغة يتناول الأمة وفيه نظر ولعله أراد المملوك وقال القرطبي العبد اسم للمملوك الذكر بأصل وضعه والأمة اسم لمؤنثه إما لأن لفظ العبد يراد به الجنس كقوله تعالى: (إلا آتي الرحمن عبداً) فإنه يتناول الذكر والأنثى قطعًا وإما على طريق الإلحاق لعدم الفارق.
(٣) في ج علماؤنا ولعلها العلماء.
(٤) قال الحافظ وهذا الحديث حجة على أبي حنيفة حيث قال بتخيير الشريك بين أن يقوم نصيبه على العتق أو يعتق نصيبه أو يستسعى العبد في نصيب الشريك ويقال إنه لم يسبق إلى ذلك ولم يتابعه عليه أحد حتى ولا صاحباه واضطرد قوله في ذلك فيما لو أعتق بعض عبده فالجمهور قالوا يعتق كله وقال هو يستسعى العبد في قيمة نفسه لمولاه واستثنى الحنفية ما إذا أذن الشريك فقال لشريكه أعتق نصيبك قالوا لا ضمان فيه. فتح الباري ٥/ ١٥٥.

<<  <   >  >>