للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مال استسعى العبد غير مشقوقٍ عليه) (١) رواه البخاري وغيرهُ وهذا الحديث لا حجة فيه، وقد مهدنا الجواب في مسائل الخلاف وشرح الحديث فننبئكم الآن منه الذي يريكم وجه الحق فيه. إن قوله من أعتق شركاً له في عبدٍ، فكان له مال يبلغ ثمن العبد قَوَّمَ عليه قيمة عدل فأعطى شركاءه حصصهم وعتقَ العبد. وانتهى كلام النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى هذا الحد وقوله: وإلَّا فقد عتقَ منه ما عتقَ في حديثِ ابن عمر، وقوله في حديث أبي هريرة وإلا استسعى العبد ليس من كلام النبي صلى الله عليه وسلم وإنما هو من قول الراوي والأول يعزى إلى نافع (٢) والثاني إلى بشير بن نهيك (٣) وقتادة (٤) فقد بين ذلك علماء الحديث (٥) ولا بد للمتفقِّه من معرفة كلام


(١) متفق عليه أخرجه البخاري باب تقويم الأشياء بين الشركاء بقيمة عدل ٣/ ١٨٢ ومسلم في كتاب العتق (١٥٠٣).
(٢) نافع أبو عبد الله المدني مولى ابن عمر ثقة ثبت فقيه مشهور من الثالثة مات سنة سبع عشرة ومائة أو بعد ذلك ع. ت ص ٥٥٩.
(٣) بشير بن نهيك بفتح النون وكسر الهاء وآخره كاف السدوسي ويقال السلولي أبو الشعثاء البصري ثقة من الثالثة ع. ت ص ١٢٥.
(٤) قتادة بن دعامة السدوسي أبو الخطاب البصري ثقة ثبت يقال ولد أكمه وهو رأس الطبقة الرابعة مات سنة بضع عشرة ع. ت ص ٤٥٣.
(٥) تكلم الحافظ على الزيادة في الحديثين فقال عن الزيادة في حديث ابن عمر وقد جزم مسلم بأن أيوب ويحيى قالا لا ندري أهو في الحديث أو شيء قاله نافع من قبله ولم يختلف عن مالك في وصلها ولا عن عبيد الله بن عمر لكن اختلف عليه في إثباتها وحذفها والذين أثبتوها حفاظ فإثباتها عن عبيد الله بن عمر وجرير بن حازم وإسماعيل بن أمية عند الدارقطني وقد رجح الأئمة رواية من أثبت هذه الزيادة مرفوعة قال الشافعي لا أحسب عالماً بالحديث يشك في أن مالكاً أحفظ لحديث نافع من أيوب لأنه كان ألزم له منه حتى لو استويا فشك أحدهما في شيء لم يشك فيه صاحبه كانت الحجة مع من لم يشك. فتح الباري ٥/ ١٥٤.
أما حديث أبي هريرة فقد نقل عن جماعة أن الاستسعاء مدرج ثم قال وأبى ذلك آخرون منهم صاحبا الصحيح فصححا كون الجميع مرفوعًا وهو الذي رجحه ابن دقيق العيد وجماعة لأن سعيد بن أبي عروبة أعرف بحديث قتادة لكثرة ملازمته له وكثرة أخذه عنه من همام وغيره وهشام وشعبة وإن كانا أحفظ من سعيد لكنهما لم ينافيا ما رواه وإنما اقتصرا من الحديث على بعضه وليس المجلس متحداً حتى يتوفق في زيادة سعيد فإن ملازمة سعيد لقتادة كانت أكثر منهما فسمع منه ما لم يسمعه غيره. وهذا كله لو انفرد وسعيد لم ينفرد ... ثم قال والذي يظهر أن الحديثين صحيحان مرفوعان وفاقاً لعمل صاحبي الصحيح وقال: قال ابن المواق والإنصاف ألا نوهم الجماعة بقول واحد مع احتمال أن يكون سمع قتادة يفتي به، فليس بين تحديثه مرة وفتياه به أخرى منافاة ويؤيد ذلك أن البيهقي أخرج من طريق الأوزاعي عن قتادة إنه أفتى بذلك والجمع بين حديث ابن عمر وأبي هريرة ممكن بخلاف ما جزم به الإسماعيلي. قال ابن دقيق العيد حسبك بما اتفق عليه الشيخان فإنه أعلى درجات الصحيح والذين لم يقولوا بالاستسعاء تعللوا في تضعيفه بتعليلات لا يمكنهم الوفاء بمثلها في المواضع التي=

<<  <   >  >>