للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الخلاف، فإن هذا القدر هو مطلع الفريقين. وأما ثدي المرأة، فإن القول فيها لم أقوى من القولِ في إليتها (١) لأن في الثديين إبطال ثلاثة أشياء خلقةً وجمالًا ومنفعة كالأنف، والإليتان دون ذلك، وأما إشراف الأذنين فإن كان فيها أثرٌ للسَمعِ التحقت بالمارن، وإن لم يكن فيها أثرٌ كانت جمالًا محضًا ولا يقابل الجمال بالدية وأما الصلبُ فثبت فيه الدية من طريق الأولى وأما الأنثيان فهي بمعنى الذكر وهي وإن عزبت عن الشهوة ففيها أصلُ الخلقةِ، وأما الإفضاء (٢) فهو نظير قطع الذكر بل أعظمُ.

المسألة الحادية عشر: ما كانَ فيها من الجنايات إذهاب جمالٍ لم يستقل بدية، إذ ليسَ له في الشريعة نظير. ورام أبو حنيفة أن يجعل جلده اللحيةِ وجلدة الحاجبين كالمارن في إيجاب الدية (٣) ولم يصح ذلك لأن المارن لم يراع فيه إذهاب الجمال على الكمال كما زعم إنما راعينَا فيه الجمال والمنفعة.

المسألة الثانية عشر: رَامَ بعضهم أن يفاضلَ بين أحاد كل اثنين من الجسد أو بجمع في باب الدية، كابن المسيب في الأسنان (٤)، وفي الشفةِ السفلى (٥) وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم -:


(١) الإليتان وهما ما أشرف على الظهر من المأكمتين إلى استواء الفخذين فإذا قطع ما أشرف منها يجب فيها كمال الدية وإن لم يصل إلى العظم وفي إحداهما نصفها شرح السنة ١٠/ ١٩٧.
(٢) يقال أفضى المرأة جعل مسلكيها واحدًا فهي مفضاة. ترتيب القاموس ٣/ ٥٠٢ وقال النووي إفضاء المرأة وفيه كمال الدية وهو رفع الحاجز بين مسلك الجماع والدبر على الأصح وقيل رفع الحاجز بين مسلك الجماع ومخرج البول قال المتولي الصحيح أن كل واحد منهما إفضاء موجب للدية لأن الاستمتاع يختل بكل واحد منهما. الروضة للنووي ٩/ ٣٠٣ وانظر اللسان ١٥/ ١٥٧ المغني لابن قدامة ٨/ ٤٧٦ - ٤٧٧.
(٣) انظر اللباب في شرح الكتاب ٣/ ١٥٥ ومجمع الأنهر ٢/ ٦٤١ والمغني ٨/ ٤٤٣.
(٤) مالك عن يحيى بن سعيد أنه سمع سعيد بن المسيب قول قضى عمر بن الخطاب في الأضراس ببعير بعير وقضى معاوية بن أبي سفيان في الأضراس بخمسة أبعرة خمسة أبعرة قال سعيد بن المسيب فالدية تنقص في قضاء عمر بن الخطاب وتزيد في قضاء معاوية فلو كنت أنا لجعلت في الأضراس بعيرين بعيرين فتلك الدية سواء وكل مجتهد مأجور. الموطأ ٢/ ٨٦١.
قال الباجي استحسن عمر بن عبد العزيز قول ابن المسيب لما فيه من موافقة عقل جميعها الدية الكاملة لأنها تزيد على قضاء معاوية وتنقص في قضاء عمر .. ثم قال والذي قاله معاوية هو المروي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو قوله مالك وأبي حنيفة والشافعي. المنتقى ٧/ ٩٣.
وقال أبو عمر بن عبد البر واختلاف العلماء من الصحابة والتابعين ديات الأسنان وتفضيل بعضها على بعض كثير جدًا والحجة قائمة لما ذهب إليه الفقهاء مالك وأبو حنيفة والثوري بظاهر قول النبي - صلى الله عليه وسلم - (وفي السن خمس من الإبل) والضرس سن من الأسنان. نقلاً عن تفسير القرطبي ٦/ ١٩٧ وانظر المغني ٨/ ٤٥٢.
(٥) قال سعد في الشفة السفلى ثلثا الدية. شرح السنة ١٠/ ١٩٦.

<<  <   >  >>