بالمغرب (اشتقاق النعمانية (بيروت) ص ٢٢ معجم المطبوعات ١٤٦٠ - ٦١) وكان عارفا بالطب قرأه علي أحمد الصقلى (فهرست الرصاع، ص ١٦٠) ولحسن سلوكه وورعه وتثبته ومجانبته لهوى النفس كان محل تقدير من تلامذته قال ابن ناجي: «وكان شيخنا الغبريني (أي أبو مهدي عيسى) لا يقدم أحدا لقضاء ولا شهادة إلا بموافقة الشيخ ابن عرفة (تذييل ابن ناجي على معالم الايمان في ترجمة محمد بن أحمد اليزليتني).
وحج سنة ٧٩٢/ ١٣٩٨ فتلقاه العامة وأرباب المناصب بالإكرام التام، واجتمع بسلطان مصر الملك الظاهر فأكرمه وأوصى أمير الركب بخدمته، وتسابق العلماء للأخذ عنه واستجازته منهم الحافظ ابن حجر، واغتبط كل واحد منهما بالآخر، والدماميني، وشمس الدين بن عمار المالكي، وأبو علي ابن أبي كامل العقيقي القبائلي اللخمي الاسكندري المعروف بالسقلوني المالكي (طبقات المفسرين ٢/ ٢٨٢)، ولما زار المدينة المنورة نزل في دار ابن فرحون صاحب «الديباج المذهب»، وأخذ عنه بمكة أبو حامد بن ظهيرة الذي قال عنه في «معجمه»«إمام علامة برع في الأصول والفروع والعربية والمعاني والبيان والفرائض والحساب، وكان رأسا في العبادة والزهد، ملازما للشغل بالعلم، رحل إليه الناس وانتفعوا به، ولم يكن بالعربية من يجري مجراه في التحقيق، ولا من اجتمع له من العلوم ما اجتمع له، وكانت الفتوى تأتيه من مسافة شهر».
لم يتول من المناصب سوى الخطابة والإمامة بجامع الزيتونة، وذلك بداية من سنة ٧٧٢/ ١٣٧٠ وبعد وفاة الشيخ ابراهيم البسيلي سنة ٧٥٦/ ١٣٥٥ تقدم عوضه لإمامة الخمس، وولي خطيبا سنة ٧٧٢.وفي هذا العام تولى الفتيا بجامع الزيتونة وكان المفتي بعد صلاة الجمعة هو الشيخ أحمد بن أحمد الغبريني (وله صاحب عنوان الدراية) إلى أن توفي سنة ٧٧٠/ ١٣٦٨ فوليها عوضه الإمام ابن عرفة. ولما تولى الإمامة والخطابة بجامع الزيتونة لم يرض به أهل مدينة تونس لأنه ليس ابن بلدتهم فاشترطوا عليه شروطا فقبلها منها ألا يأكل التين لعسر الاتقاء منه فقال:«من فضل الله ما أكلته قط» ومنها