لي صاحبين وقد استوحشت أن أدخل قبلهما فأمر بإدخالهما معي، وكان ابن القاسم وغيره يحملني على أن أسأل مالكا فإذا أجابني قالوا لي: قل له فإن كان كذا وكذا فضاق عليّ يوما وقال: هذه سلسلة بنت سلسلة إن كان كذا كان كذا، إن أردت فعليك بالعراق.
قال أسد: فلما أتيت الكوفة أتيت أبا يوسف فوجدته جالسا ومعه شاب وهو يملي عليه مسألة فلما فرغ منها قال: ليت شعري! ما يقول فيها مالك؟ قلت: كذا وكذا، فنظر إليّ، فلما كان في اليوم الثاني مثل ذلك وفي الثالث مثله، فلما افترق الناس دعاني وقال: من أين أنت، ومن أين أقبلت؟ فأخبرته، قال: وما تطلب؟ قلت: ما ينفعني الله به، فعطف على الشاب الجالس فقال: ضمه إليك لعل الله ينفعك به في الدنيا والآخرة، فخرجت معه إلى داره فإذا محمد بن الحسن فلزمته حتى كنت من المناظرين من أصحابه قلت له: أنا غريب والسماع منك قليل، قال: اسمع العراقيين بالنهار وجئني بالليل وحدك تبيت معي فأسمعك، فكان إذا رآني نعست نضح وجهي بالماء ورآني يوما أشرب ماء السبيل، فقال لي أتشربه؟ فقلت له: أنا ابن سبيل، فلما كان الليل بعث إليّ بثمانين دينارا وقال: ما عرفت أنك ابن سبيل إلاّ الآن.
فلما أراد الرجوع إلى إفريقية لم يكن عنده نفقة السفر، فذكر ذلك لمحمد بن الحسن، فقال له: اذكر شأنك لولي العهد، فلقي محمد بن الحسن ولي العهد، وذاكره أمر أسد، ثم قال لأسد: قف بالحاجب يوم كذا يدخلك عليه، وأعلم أنك حيث تنزل نفسك أنزلوك، فمضى أسد واستأذن فأذن له فدخل حتى انتهى إلى موضع أمر بالجلوس فيه، ومضى الخادم الذي أدخله فجاءه بمائدة مغطاة فجعلها بين يديه، قال أسد:
ففكرت وقلت: ما أرى هذه إلاّ منقصة، وقلت للخادم، هذا الذي جئت به منك أو من مولاك؟ قال: مولاي أمرني به، قلت: مولاك لا يرضى بهذا يأكل ضيفه دونه يا غلام هذا أمر منك وجبت مكافأتك