فسمع بمصر ومكة من حمزة الكناني، روى عنه سنن النسائي، ومن أبي زيد المروزي، وأبي أحمد محمد بن زيد الجرجاني روى عنهما صحيح البخاري وهما عن الفربري عن البخاري، وهو أول من أدخل رواية صحيح البخاري إفريقية وروى عن أبي الحسن بن حيويه النيسابوري، والذي ضبط له صحيح البخاري سماعا على أبي زيد المروزي بمكة هو أبو محمد الأصيلي بخط يده. لبث بالمشرق خمس سنوات. وكان مع عماه من أصح الناس كتبا وأجودها ضبطا، يضبط كتبه بين يديه ثقات أصحابه.
أقرأ الناس القرآن مدة بالقيروان ثم انصرف عن الإقراء لأنه بلغه أن أحد أصحابه استقرأه الأمير فقرأ عليه.
قال أبو عمرو الداني:«أقرأ الناس بالقيروان دهرا ثم انقطع عن الإقراء لما بلغه أن بعض أصحابه استقرأه السلطان فقرأ عليه، فشغل نفسه بالحديث والفقه إلى أن رأس فيها وبرع».
تفقه به أبو عمران الفاسي، وأبو بكر بن عبد الرحمن، وأبو عبد الله المالكي، وأبو علي حسن بن خلدون، وعتيق السوسي، وعمر العطار، وابن الأجدابي، وابن محرز، وروى عنه من الأندلسيين: أبو عمرو الداني المقرئ، وحاتم بن محمد الطرابلسي، والمهلب بن أبي صفرة، وغيرهم.
ولما جلس للناس وعزم عليه في الفتوى تأبّى وسد بابه دون الناس فقال لهم أبو القاسم بن شبلون: كسروا عليه بابه لأنه قد وجب عليه فرض الفتيا هو أعلم من بقي بالقيروان، فلما رأى ذلك خرج عليهم ينشد:
لعمر أبيك ما نسب المعلّى ... إلى كرم وفي الدنيا كريم
ولكن البلاد إذا اقشعرّت ... وصوّح نبتها رعي الهشيم