إلى بعض أصدقائه بمصراتة، وقد لقي منه كل ترحيب وإكرام، ومكث بمصراتة مدة ينتظر قدوم باخرة توصله إلى بنغازي ومنها إلى الإسكندرية، ولبث بمصراتة وضاحيتها يدر أكثر من شهر ونصف. ولما طالت المدة في انتظار باخرة ذاهبة إلى بنغازي والإسكندرية آثر أن يسافر في مركب شراعي إلى بنغازي، ومنها يركب باخرة إلى الإسكندرية، وتسلّم من الشيخ شنيشح الذي نزل عنده في مصراتة مكتوب توصية إلى الفقيه الفاضل مسعود الورفلّي التاجر ببنغازي، وبعد خمسة أيام من إحضار المركب الشراعي بمرسى مصراتة وصل إلى بنغازي التي مكث بها خمسة أشهر وخمسة أيام في انتظار باخرة ذاهبة إلى الإسكندرية ضيفا على الرجل الفقيه الفاضل مسعود الورفلي. وببنغازي كاد يبطل السفر، ويرجع من حيث أتى لأنه تناقش مع جماعة من السنوسية يخالفون في كثير من المسائل المشهورة المذهب المالكي، وحصل خلاف بينه وبينهم، ودسّوا عليه للسلطنة أشياء بقصد التخلص منه، وإخراجه من مدينة بنغازي، فأرجعته السلطة المحلية إلى طرابلس، وسافر معه جاسوس من السلطة وفي مدينة طرابلس اتصلت به القنصلية الفرنسية، وأفهمته أنه إذا أقرّ بتبعيته لفرنسا فإنه يقع إخراجه حالا، فقال لمبعوث القنصل: أنا لا أنتسب لغير الدولة العثمانية ولو قطعتني إربا إربا، وكان الجاسوس المصاحب له يسمع كلام مبعوث القنصل، وما ردّ به عليه، فبلغ الجاسوس المحاورة إلى باشا طرابلس، فأمر بإخراجه وإنزاله منزلا رفيعا، وطالبه بالحضور عنده فقابله مقابلة حسنة، واعتذر له عن جلبه إلى طرابلس، وقال إن أردت الرجوع إلى بنغازي فإذنك معك وإني آمر متصرف بنغازي بأن لا يتعرض لك أحد في شؤونك، فودعه وعاد إلى بنغازي.
وفي رجوعه إلى بنغازي قرأ على الشيخ بدر الدين الفليتي الوهراني من جنود الأمير عبد القادر الجزائري قرأ عليه العقيدة الصغرى للسنوسي بحاشية الياجوري، وشرح الشرقاوي على الحكم لابن