النبوي، وفي المدينة تعرف بالشيخ العزيز الوزير التونسي ثم انتقل إلى دمشق، واستقرّ بها نهائيا، ووصلها يوم ١٠ ربيع الثاني سنة ١٣٣٦/ ١٩١٨، وكان في نيته الرجوع إلى المدينة المنورة، ولذلك لم ينقل كل ما في بيت سكناه من أثاث، ومكتبته، وسلم المفتاح إلى الشيخ أحمد الشنقيطي، ولم يتم له الرجوع، واستقر نهائيا بدمشق، وبعد مدة قليلة سافر إلى بيروت لمقابلة بعض أصدقائه، ومكث عنده أياما قليلة، ثم رجع إلى دمشق، وتوفي بدمشق في ٢٩ ربيع الثاني ١٣٨٠ ودفن بمقبرة الدحداح.
وقد أخذ عنه بصفاقس كثيرون منهم الحاج أحمد القرقوري، وشقيقه الحاج عبد الرحمن، والحاج محمد بن محمد كمون، وعلي بن عمر قدور، الناشر لبعض مؤلفاته، وعلي بن محمد السلامي والحاج محمود الشعبوني، وغيرهم. وعمامة تلامذته لها شكل خاص لا يلبسها إلاّ هم، وهي عبارة عن ثلاث طيات عريضة تشبه العمامة الأزهرية. ولم تنقطع صلاته بتلاميذه الصفاقسيين بعد هجرته إلى دمشق، بل لبثت متواصلة بواسطة المراسلة البريدية، ومن يحج منهم يغتنم الفرصة للحلول بدمشق لزيارة شيخه ولم ينسوا إمداده بتبرعاتهم المالية بين الآونة والأخرى.
وكان من الناقمين على دعاة فتح باب الاجتهاد، ومن المنتقدين لآراء الشيخ جمال الدين الأفغاني والشيخ محمد عبده لأنهما لا يقولان بما يقوله المتقدمون ويخالفون في بعض آرائهما الفقهاء والمفسرين، وله آراء أخرى كنفي كروية الأرض ودورانها، وفي زعمه أن ذلك عقيدة المسلمين وقول علمائها. وخلاف ذلك هو قول الضالين، وأن القول بكرويتها وحركتها تخيلات وتخمينات لا ثبوت لها في الواقع ونفس الأمر، وساق آيات كثيرة لتأييد زعمه والرد عليه يطول يخرجنا عما نحن فيه، ومن تلامذته أحد مشايخنا بصفاقس - رحمه الله - ذهب إلى أن الإسلام لا يقول بالعدوى، أفبمثل هذه الآراء يخدم الإسلام؟ إنهم يصورونه دينا ضد العلم وما هو ثابت بالتجربة التي لا يرقى إليها الشك لأنهم لم