الجنود الفرنسيين، وصفعه أحدهم وطرحه على الأرض، وداس الطربوش، ومن ذلك التاريخ أقبل على تعلم العربية وآدابها بحزم ما عليه من مزيد، كما أخذ في تعلم اللغة الألمانية، وأقبل على المطالعة بنهم، فطالع ما في مكتبة أخيه عبد الرحمن، وأول ما طالعه كتاب حديث عيسى بن هشام. ثم قضى عامين يطالع بتلهف ما يوجد في مكتبة محمد الصادق باي بالمرسى، فقرأ روايات جرجي زيدان كلها، ووفيات الأعيان، وكل ما فيها من كتب تاريخية، ثم أقبل على مكتبة خزنة دار بالمرسى، فطالع ما فيها من كتب الأدب والطب والعلوم، كل ذلك في خلال سنوات الحرب العالمية الأولى، وبعد الهدنة بقليل في سنة ١٩١٩ رفع الحجر عن الصحف التونسية، فكان يطالعها بشغف، ثم صار يحرر فيها المقالات الأدبية والخيالية والاجتماعية والتاريخية خصوصا في «الوزير» و «الصواب» و «لسان الشعب» وكان ينشر المقالات التاريخية في مجلة «الفجر» التي نشرها الحزب الحر الدستوري بعد الهدنة، ومنذ سنة ١٩٢٢ انقلب إلى نشر المقالات السياسية، وذلك عند صدور إصلاحات المقيم العام لوسيان سان، وانتقدها انتقادا مرا.
وألقى منذ شبابه عدة محاضرات على منابر الجمعيات الأدبية، وأول محاضرة ألقاها كانت بنادي قدماء الصادقية سنة ١٩٢٤، ثم توالت محاضراته الأدبية والتاريخية والسياسية والاقتصادية.
وفي سنة ١٩٢٦ سافر إلى باريس حيث تابع دراسته العليا بجامعة السربون، وبمعهد اللغات الشرقية، ثم بالمعهد التطبيقي للدراسات العليا وبكوليج دي فرانس، وتحصل على ديبلومات في اللغات التالية: الآداب العربية، العربية الدارجة بشمال إفريقيا، العربية الدارجة بالمشرق، اللغة الفارسية، اللغة الحميرية ثم أحرز على الإجازة في الآداب العربية، والإجازة من مدرسة اللغات الشرقية، ودرس على عدة مستشرقين من