قاضي الحاضرة الشيخ إبراهيم المزاح الأندلسي في ذي القعدة سنة ١١٧٥/ ١٧٦٢، وأقرأ بها ودرس بجامع الزيتونة أيضا.
أخذ عنه إبراهيم الرياحي، وأحمد زروق الكافي وأخوه محمد السنوسي، وإسماعيل التميمي، وحسن الهدة السوسي، وأجازه بما في ثبته، وصالح بن محمد الفلاني السوداني عند ما جاور بتونس طلبا للعلم، وأجاز لمرتضى الزبيدي ولم يذكره في حرفه من المعجم المختص. وهو من مشايخه كما صرح بذلك في ترجمة محمد بن خالد العنابي من معجمه وفي غيره من إجازاته.
وقد رحل من تونس على عهد الأمير علي باي حيث أنكر على قراء الأحزاب أسلوب قراءة القرآن الذي أفضى إلى تغيير، وشدد عليهم النكير في النهي حتى وقع اضطراب بين العامة، فاضطره الأمير إلى الرحيل، ورجع بعد حين.
وكان متحليا بالزهد وملازمة التقشف، لا تأخذه في الله لومة لائم، حاضر الجواب، لا يتهيب فيما يخطر بباله سواء عنده الأمير والمأمور، استدعاه الأمير حمودة باشا إلى منزله في بعض الليالي مع جماعة من العلماء، فلما استقر بهم المجلس بادر بعض المماليك يصلح السراج، فوقعت ذبالة الشمعة بحجر المترجم، فرمى بها، وقام وخرج وهو يتلو {وَلا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النّارُ}(سورة هود: ١٣).
وسأله مرة بعض الوزراء المماليك عن اسم أبيه وحرفته، وقصد بذلك استنقاصه حيث إن أباه كان كوّاشا، ففهم المترجم قصده فقال له: أنا ابن فلان الكواش، وأنت ابن من؟ فسكت الوزير المملوك، وكان ذلك بحضرة الأمير والجمع الغفير فقال المترجم: أنت ابن جوان أو ابن نيكولا أو أنطون إلى غير ذلك من أسماء الكفر، فحصل للوزير خجل فبكته ومقته.