للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أن يكون الجماد يعقل شيئا من ذلك، وقد ذكرت شيئا من ذلك عند اللخمي، وقلت: إن القاضي ابن الطيب يمنع من هذا، فقال لي: قوله تعالى: {وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلاّ يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ} يدل على أن الجمادات كلها تسبح، وأنكر قول القاضي غاية الإنكار، وقال لي: خلوا ما أنتم عليه من كلام الأصوليين، وكان - رحمه الله - يستثقل كلام الأصوليين فقال له عبد الجليل، فهذه الحمى تسبح، فقال له: نعم تسبح بالغيظ، فسكت عبد الجليل لما رأينا من غيظه.

نزل اللخمي بصفاقس على أثر زحفة الهلاليين وتفرق علماء القيروان ببلدان الساحل وغيرها (١) وأسس له مسجد درّس به ونشر به علمه وبالخصوص تأليفه «التبصرة» و «صحيح البخاري» وهذا المسجد ما زال منسوبا إليه، ويعرف أيضا بمسجد الدريبة لمواجهته دريبة الجلالة (٢)، وهو واقع في طرف المدينة من الناحية الشرقية في الحومة المعروفة قديما بحومة الرقة أو بربع الرقة (٣) (بكسر الراء المهملة والقاف المعقدة المفتوحة) والظاهر أن أهل الرقة عمروا هذه الناحية بعد جلائهم عن قريتهم على أثر زحفة بني هلال، وربما كانوا المؤسسين لمسجد الشيخ اللخمي، وهو ثاني مسجد لإقامة الجمعة في شهر صفر ١٢٨٩/ ١٨٧٧ وأول خطيب به الشيخ عبد السلام بن علي الشرفي (ت ١٣٠٤/ ١٨٩٢) ثم ابنه من بعده محمد الطيب. وفي شعبان سنة /١٤٠١ جوان ١٩٨١ تم بناء


(١) ترتيب المدارك في ترجمة عبد الله بن عبد العزيز التميمي وهو من طبقة اللخمي.
(٢) الدريبة في اصطلاح الصفاقسيين هي محكمة العامل (الوالي) وتنسب هذه الدريبة، لآل الجلولي لأنهم امتلكوها وحكموا بها في القرن الثالث عشر الهجري ثم اشتراها آل النوري وأصبحت مصحة للطبيب الإيطالي بالومبا، وهي الآن معروفة بمتحف الفنون والتقاليد الشعبية (متحف دار الجلولي).
(٣) حومة الرقة أو ربع الرقة تبتدئ من هذا المسجد وتمتد إلى برج النار بالسور الجنوبي والرقة هي المعروفة قديما بأم الأصابع (ينظر رحلة التجاني ص ٦٦ - ٦٧ تعليق ٣) وأم الأصابع هذه هي برّروس (Barrarus) وينسب إليها سيدي حماد الرقي دفين صفاقس له مسجد إمام حمام السلطان.

<<  <  ج: ص:  >  >>