وغيرها، وفي أثناء التخطيط عثروا على نشيد وطني ناري للشاعر الشاذلي خزنة دار فاستخرج منه نسخا عديدة وزعها على الجمهور، وسافر إلى قابس بعد أن راسل السيد علي فارس بالحامة الذي تعرف به أيام الدراسة بالزيتونة، وكان سفره ظاهريا بحجة التعرف على تجارة التمر، والاجتماع بالتجار لأنه تظاهر بأنه سيصبح تاجر تمور، وفي قابس تفاوض مع تجار التمور، ومعه كراس سجل فيه كل ما قيل عن التمور، ثم خلا بالسيد علي فارس، وأعلمه بأن قضية تجارة التمور ما كانت إلاّ ستارا لإخفاء المهمة الحقيقية عن أنظار العدو وعن أنظار المتطفلين، وأعلمه عن الدور الخطير الذي سيضطلع به شخصيا عند التنفيذ، ودار نقاش بينه وبين السيد علي فارس عن الصعاب والعقبات التي تحول دون قيام انتفاضة ضد الجيش الفرنسي، والسيد علي فارس كان على صلة بواسطة المكاتبة بنوري باشا بطرابلس، ورجع إلى العاصمة خلال العشر الأول من شهر جانفي ١٩١٥ فأخذ يتجول في الأسواق يجادل التجار حول التمر وأسعاره وأنواعه، ويعرض عليهم أنواع ما عنده من البضاعة وأسعارها.
وكان يتعمد الكلام بصوت جهوري، ويتظاهر بشيء من ثقل السمع حتى يرفع محدثه صوته، كل ذلك لكي يعلم الجواسيس ويعلموا أسيادهم أنه أقدم بكليته على تجارة التمر.
في خلال شهر فيفري ١٩١٥ دق على باب داره الجاسوس البشير بو خريص وقال له إن سيدا قادما من الخارج يود مقابلتك وهو هنا فتفضل معي لتراه، وتبعه وما خطا خطوات واجتاز منعرج الطريق حتى وجد نفسه محاطا بطائفة من أعوان البوليس الفرنسيين، وتقدم إليه كوميسار القسم السياسي مسيو كلابي قائلا له: عندي أمر بتفتيش غرفتك فخذني إليها من فضلك، قال هذا وتوجه نحو الدار ودخل ودخلت الجماعة وراءه وهو بينهم مندهش، وذهب بهم إلى المكان الذي ينام فيه وإلى جانبه مكتبه، وبعد التفتيش نحو الساعة جمع ما وقع حجزه