الخلدونية ودرس فيها التاريخ على الأستاذ حسن حسني عبد الوهاب وانعقدت بينه وبين أستاذه روابط المحبة والتقدير والاحترام وأهدى له أستاذه مجموعة من مؤلفاته.
وكان نهما في المطالعة وهو ما يزال تلميذا كان للسيد علي بوغدير دكان صغير بسوق الكتبية وكان يعير الكتب للراغبين بالأجرة وخاصة الروايات، كل راغب يتناول الرواية مقابل عشر صنتيمات لمدة ثلاثة أيام ثم يرجعها ويأخذ رواية أخرى أو كتابا آخر لمثل تلك المدة وبمثل ذلك الأجر وقد أعجب يومئذ بروايات ميشال زيفاكو التاريخية بترجمة طانيوس عبدة، وقد فتحت هذه الروايات أمام عينيه نافذة واسعة على عالم كان مجهولا لديه، واكتسب منها ما كان ينقصه من الاطلاع على حالة وعلى تفكير وعلى تعبير العالم الغربي، وكان يطالع أيضا في مكتبة المدرسة الخلدونية، وتعرف في هذه الفترة على رجلين كان لهما تأثير على مجرى حياته هما السيدان حسين الجزيري والصادق الرزقي، وفي إحدى اللقاءات بحسين الجزيري أمام دكان علي بوغدير عرض عليه حسين الجزيري أن ينضم إلى أسرة جريدة «الفاروق» الصادرة بالجزائر، وكان الجزيري يراسلها بانتظام أسبوعيا، ونشرت له جريدة «الفاروق» في نوفمبر ١٩١٤ مقالا بعنوان «الإدمان أول وزراء السوء» وهي أول مقالة له في الكتابة الصحفية، وكتب بهاته الصحيفة نحو خمس مقالات لتعطل الصحيفة واضطهاد صاحبها، وكان لبعض تلك المقالات رنّة استحسان، ورمقته من أجلها أعين الناس بالتقدير والإعجاب. وكان سبب تعطيل هاته الصحيفة نشرها لمقالته «بين لجج الهواجس».
وفي سنة ١٩١٥ اتفق هو وطائفة لا تتجاوز أصابع اليد الواحدة على التخطيط لإثارة انتفاضة ضد فرنسا تبتدئ بواسطة قبيلة بني يزيد في الجنوب التونسي وتعم مدن الجنوب، وفكر في حمل زملائه الطلبة الجزائريين على القيام بانتفاضة ضد فرنسا في بعض المدن الجزائرية كتبسة