للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

له الرخاء المادي، وتستغل نشاطه الصحفي في التحرير في جريدة «المبشر» الرسمية، فأرسلت إليه الشيخ أبا القاسم الحفناوي ابن الشيخ صاحب «تعريف الخلف برجال السلف» مفتي الجزائر، والمحرر بجريدة «المبشر» وعرض عليه ما ذكر من رغبة الحكومة، فرفض العرض في لطف.

تولى تحرير قسمي السياسة الداخلية والخارجية لمجلة «الشهاب» منذ أن أنشأها الشيخ عبد الحميد بن باديس إلى آخر عدد صدر منها، ومقالاته كانت خلوا من الإمضاء كي لا يقال عنها إنها من تأثير حزب الدستور التونسي، ومن بينها مقال كان له دوي كبير وضجة عارمة عنوانه «كلمة صريحة» رد به على فرحات عباس في تنكره للوطنية الجزائرية، وقد نسبه شارل اندري جوليان في كتابه «إفريقيا الشمالية تسير» للشيخ عبد الحميد بن باديس لأنه من غير إمضاء.

وكان يغتنم الفرص ليقف خطيبا حافزا للهمم، ومنبها للفطن، ومثيرا للحماس، مبينا مساويء الاستعمار وداعيا إلى الحفاظ على الذاتية الوطنية والعربية الإسلامية في وقت يسعى الاستعمار جاهدا للفرنسة ومسخ الذات، ومن العجائب أن هذا لم يكلفه عنتا من سجن أو نفي لأن والي الجزائر إذ ذاك موريس فيوليت الفرنسي الحر اليساري النزعة الديمقراطي غير راض عن سياسة فرنسا في الجزائر.

وفي يوم ٦ جانفي ١٩٢٦ وصل إلى الجزائر السيد مصطفى صفر موفدا من الحكومة الاستعمارية بتونس للاتصال بالمترجم وحمله على العدول عن الكفاح السياسي، فقصده في مكتبه بمتجر الدخان وتبادل معه أطراف الحديث، وتناولا طعام الغداء بمطعم فاخر، ودارت بينهما شجون من الأحاديث عن الأدب والعلم والثقافة، إلى أن قال له: أتريد الرجوع إلى تونس؟ فأجابه أود الرجوع السريع على أنني قد فتحت في الجزائر فتحا جديدا، ولن أتخلى عن الجزائر إطلاقا.

<<  <  ج: ص:  >  >>