المرسى من ضواحي تونس، وكان من شيوخ ابن العربي أيضا ذكره في «الفتوحات المكية» الباب الخامس والعشرون).
وكان يقوم بسياحات من باب المجاهدة ومخالفة النفس، فمن المهدية انتقل للتعبد في المنستير ومنها انتقل إلى تونس، ومن المجاهدة والمخالفة للنفس ما في قصة شهوته للسردين وهو صائم، فقد حكى عن نفسه ما يلي:«كنت في البداية في حال المجاهدة، وكنت صائما فأكلني أنفي، وكان يوافق في العادة أكل السردين، فجاءتني النفس فقالت:
أكلني أنفي تعني السردين، فاعترضت عنها. فقالت يا ترى آكله مطبوخا أو مقلوا فقلت: هذه ترشيش وما طلعت الشمس عليّ إلاّ أبيت في بلد فخرجت من البلد فانقطعت النفس وهلكت».
وأوليته يكتنفها الغموض، ولعله تلقى التصوف في مبتدأ أمره عن شيخ متأثر بالإسماعيلية مع عدم إدراك المقاصد. والإسماعيلية اندسوا في صفوف الصوفية، وبثوا كثيرا من مبادئهم البالغة الخطورة في الزيغ والانحراف ولهم قدرة على التلون والنفاق حسب الظروف والمحيط، فالواحد منهم يتظاهر بأنه سني إن عاش وسط السنيين أو صوفي إن خالط الصوفية، ومجوسي أو يهودي إن قذفت به الظروف لمعاشرة هذه الطوائف إمعانا في التلبيس والخداع وخلق المناخ الملائم لبث السموم والانحراف.
وكان لظهور أبي الحسن الشاذلي ومدرسته رد فعل للحركة الصوفية المتأثرة بالإسماعيلية في تونس ورد فعل لمدرسة ابن العربي، والشاذلي امتداد لمدرسة الغزالي.
والمترجم من القائلين بوحدة الوجود، واللاهجين بالحقيقة المحمدية المقتبسة من نظرية الفيض والانبثاق عند الأفلاطونية الحديثة وهذه الحقيقة والنور الإلهي مشاركة لله في تدبير العالم، وهي نظرية ابتدعها الشيعة