للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يسافر إليها من الطلبة من يريد القضاء أو الشهادة أو هما معا، وكان في ذلك الزمان لا يريد المترجم ذلك وإنما غرضه تعلّم العلم، وكان يومئذ يعمل الميعاد بالعشي ويقرأ على شيخه القاضي محمد بن قليل الهمّ بكرة مع جماعة من أصحابه وذلك بعد انصراف شيخه البرزلي إلى تونس، وكان المترجم يقول في نفسه إن مات من هو أكبر منه يحتاج الناس إلى قارئ التفسير والحديث بكرة فلا يفتقر أن يمشي إلى تونس، فأعاد عليه الشيخ عبيد الغرياني كلامه مرة ثانية وثالثة وألحّ عليه في ذلك، وقال لا يخرج الخبر إلا من تونس، فوقع كلامه بتكرره في قلبه فتحرك خاطره للمشي إلى تونس، فأقام بها أربعة عشر عاما مجتهدا في الفروع ليلا ونهارا يتعلم ويعلّم حتى خرج منها قاضيا وخطيبا بجزيرة جربة فأقام بها ثلاثة أعوام وخمسة أشهر، وخرج زائرا فرأى الصواب استعفاءه منها فطلب ذلك من شيخه أبي مهدي عيسى الغبريني فوافقه على ذلك ومشى إلى بلده القيروان فسكنها سنة يعمل فيها الميعاد من قراءة التفسير وغيره ويتكلم على الناس بالوعظ وحكايات الصالحين، فسأل الشيخ أبو علي حسن البيار الشيخ عبيد أن يكلّم السلطان في أن يعمل له مرتبا حتى لا يخرج من القيروان، فتكلم في ذلك فخرج الظهير بقضاء قابس، فمشى إليها وعرفه وقال من هذا خفنا عليه ولو كان له راتب ينفق منه ما خرج من القيروان فقال أرأيت إن سبق في سابق علم الله أن يتولى بلادا وأوطانا أتقفصه أنت في القيروان (٧)؟

وفي تونس قرأ على أعلامها البارزين كالإمام ابن عرفة وتلامذته كالأبي والزغبي والغبريني والوانّوغي وأبي القاسم القسنطيني والبرزلي وأبي الفضل أبي القاسم الشريف السلاوي وقرأ على عبد الله الشبيبي


(٧) معالم الإيمان ٤/ ٢٦٠ - ٢٦١ في ترجمة عبيد الغرياني.

<<  <  ج: ص:  >  >>